التسجيلة
العدد الثاني 01/22/2023
مجلة رقمية دورية تصدر عن الفهرس العربي الموحد
كبير خبراء في العلم والتكنولوجيا للتنمية المستدامة
كبير خبراء في العلم والتكنولوجيا للتنمية المستدامة
تاريخ النشر : 9 يناير، 2022
اقتصاديات المعرفة في العالم العربي

 

تعريف المجتمع المعرفي والاقتصاد المعرفي

يُفيد توضيح المقصود الدقيق لبعض المصطلحات في شرح معناها والعلاقة فيما بينها. فمثلاً، هناك فرق كبير بين الاقتصاد المعرفي واقتصاد المعرفة، وبين المجتمع المعرفي ومجتمع المعرفة. وكذلك بين المجتمع المعرفي ومجتمع المعلومات. ويلاحظ الخلط بين هذه المصطلحات في الإعلام العربي. تُعتَمَدُ عالمياً في أدبيات التحول نحو المجتمع المعرفي التعاريف والمصطلحات التالية، وتستعملها معظم المنظمات الدولية (أنظر الشكل رقم 1)، ومن المهم التنويه أن اللغة والثقافة الوطنية تأخذ دوراً هاماً ومتعاظماً جداً في هذه التحول، وكذلك الأصول غير المادية في الاقتصاد:

الشكل: (1)

  • المجتمع المعرفي:
    هو المجتمع الذي يُوجِدُ المعرفةَ وينشرها ويستثمرها من أجل ازدهار المواطن ورفاهيته، أي تحسين نوعية الحياة ورفع مستوى المعيشة. وتلعب المعرفة واللغة فيه دوراً أكبر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية.

  • الاقتصاد القائم على المعرفة أو الاقتصاد المعرفي:
    هو الاقتصاد الذي تساهم فيه عملية توليد المعرفة واستثمارها بصورة كبيرة في النمو الاقتصادي وفي تكوين الثروة، وتمثل تقنية المعلومات أداته الرئيسية، ويكون فيه رأس المال البشري النواة من خلال قدرة الإنسان على الابتكار وعلى الإبداع وتوليد أفكار جديدة واستثمارها وتطبيق التقنية واكتساب مهارات جديدة وممارستها”.

  • اقتصاد المعرفة:
    هو جزء من الاقتصاد القائم عل المعرفة تمثل المعرفة السلعة أو الخدمة المتداولة فيه، وتلعب اللغة دوراً محورياً فيه. ويشمل ذلك مثلاً: الصناعات الإبداعية بأبعادها الأربعة حسب تعريف الأنكتاد وهي:
    • التراث الثقافي:
      و يشمل أنشطة مثل: الحرف الفنية و التعبير عن التقاليد، و المهرجانات الثقافية و أمثالها.

    • الفنون:
      و تشتمل على الفنون البصرية مثل: الرسم والنحت والتصوير وأمثالها، وعلى الفنون الاستعراضية مثل: الموسيقى والمسرح والسيرك والماريونيت والرقص الشعبي…

    • الوسائط (Media):
      وتشتمل على الأنشطة السمعية البصرية كالتلفزيون والراديو والسينما والمسجلات، وعلى أنشطة النشر والطباعة كالكتب والإعلام والمجلات وغيرها.

    • الإبداع الوظيفي (Functional):
      ويشمل أنشطة التصميم مثل: الديكور وألغرافيك والمجوهرات والملابس (الموضة)، وأنشطة الأوساط الجديدة مثل: المحتوى الرقمي، والبرمجيات، وألعاب الفيديو والصور المتحركة، وأنشطة الخدمات الإبداعية مثل: الدعاية والعمارة والخدمات الثقافية والبحث والتطوير.

  • الاقتصاد الرقمي:
    هو جزء من اقتصاد المعرفة تكون السلعة أو الخدمة المتداولة فيه مجسدة بشكل رقمي وليس بالأشكال المادية المألوفة.
  • اقتصاد الإنترنت:
    هو جزء من الاقتصاد الرقمي تجري أنشطته على شبكة الإنترنت. ويمكن تقسيم اقتصاد الإنترنت إلى أربعة أنواع من النشاطات أو المستويات (حسب دراسة لجامعة تكساس في أوستن) وهي:
    • البنية التحتية:
      وتشمل صناعة الحاسبات والمخدمات وكابلات الألياف البصرية وأمثالها.

    • التطبيقات:
      وتشمل تطبيقات محركات البحث على الإنترنت، والتدريب والتعليم على الإنترنت، والاستشارات وقواعد المعلومات على الإنترنت.

    • النشاطات الوسيطة:
      وتشمل شركات الدعاية على الإنترنت، وشركات الوساطة كالمكاتب العقارية، والمضاربين، ووكالات السياحة وغيرها.

  • التجارة الإلكترونية:
    مثل: شركات بيع الكتب، وشركات البيع بالمفرق، والمصنعين الذين يبيعون سلعهم على الإنترنت، وشركات التسلية والخدمات.

  • مجتمع المعلومات:
    هو جزء من المجتمع المعرفي يسعى إلى جعل المعلومات متوفرة، وإلى تزويد التقنيات الضرورية لذلك، وإلى إيجاد ثقافة مشاركة وإيجاد التطبيقات المعلوماتية (معلومات واتصالات) وتطويرها.
  • أنواع المعرفة:
    للمعرفة أنواع هي (الشكل رقم 2): معرفة كيف (Know How)، ومعرفة ماذا ولماذا (Know What، Why)، ومعرفة من (Know Who)، ومعرفة أين (Know where). وتعمل تقنية الاتصالات والمعلومات الآن على ترميز هذه الأنواع من المعرفة، وبالتالي تحويلها إلى سلع  وخدمات تؤثر ( بشكل أكثر مباشرة مما مضى) في الاقتصاد والمال والثقافة والمنعة الوطنية. ويساهم “الفهرس العربي الموحد” في تسهيل حفظ هذه المعارف باللغة العربية ونشرها وتداولها واستثمارها على مدار الوطن العربي.
    • “معرفة المعلومة” أو “معرفة ماذا – know what-:
      تشتمل على معرفة الحقائق وهي أقرب ما تكون إلى معرفة المعلومات التقليدية، كالمعارف الثقافية وكمعرفة الحقائق  الطبية من قبل الطبيب أو معرفة القوانين والشرائع من قبل المحامي وأمثالها. وغالباً ما تكون هذه المعرفة متاحة وغير تنافسية بمعظمها.

    • “معرفة العلة” أو ” معرفة لماذا” – know why -:
      وتشتمل على معرفة الأسباب وراء ظواهر الطبيعة واستثمارها لخدمة الإنسان ، وتكمن هذه المعرفة وراء التقدم العلمي والتقني و وراء الصناعة وإنتاج السلع المختلفة، وتتركز مصادر هذه المعرفة في وحدات التعليم والبحث والتطوير العام والخاص.

    • “معرفة الكيفية” أو “معرفة كيف” – know how –:
      وتشير هذه المعرفة إلى الخبرة في تنفيذ الأشياء سواء كانت هذه الأشياء هي إدارة الأفراد أو تشغيل العمليات أو تشغيل الأجهزة والآلات أو استخدامات التقنية المختلفة، وعادة ما تكون هذه المعرفة ملكاً للشركات والمؤسسات ويحتاج الحصول على بعضها إلى آليات مختلفة ومعقدة ومكلفة وغالباً تكون غير متاحة وتنافسية.


    • “معرفة أهل الاختصاص” أو” معرفة من” – know who -:
      وتزداد حالياً أهمية هذه المعرفة، إذ أن معرفة من يستطيع عمل شيء ما لا بد منها لتنفيذ هذا العمل بشكل سليم واقتصادي، وتتمثل هذه المعرفة أيضاً في معرفة سلسلة التزويد وسوق أي سلعة وأي خدمة  supply chain  and  the Market  . و تفعيل الاقتصاد حالياً يحتاج لهذه المعرفة حاجة كبيرة . كما تسرع هذه المعرفة تنفيذ المشاريع تسريعاً أكيداً وسليماً.


    • “معرفة أين”:
      وهي مثل معرفة من ولكن من حيث المكان أو الدول والأسواق.

إن تعليم السيطرة على هذه الأنواع الخمسة من المعرفة يجري عبر وسائط مختلفة. “فمعرفة المعلومة” و “معرفة العلة” تؤخذان من الكتب والمؤسسات التعليمية والتدريبية ومن قواعد المعلومات. أما النوعان الآخران فلا يؤخذان كاملاً إلا بالممارسة. إن توفير المعرفة باللغة الوطنية (العربية) وتحويلها إلى معلومات رقمية يجعلها تتحول الى سلعة تزداد أنواعها يوماً بيوم ويزداد  دورها في الاقتصاد العالمي الذي يتجه نحو ” الاقتصاد المعرفي” ويساهم مشروع الفهرس العربي الموحد في ذلك مساهمة قيمة.

 

مجهودات دولية في التحول إلى المجتمع المعرفي

إن دراسة تجارب بعض الدول التي نجحت في التحول نحو الاقتصاد القائم على المعرفة يعطي دروساً يستفاد منها. لقد  تحولت الدول المتقدمة إلى المجتمع المعرفي والاقتصاد القائم على المعرفة خلال الربع الأخير من القرن الماضي. وتعمل العديد من دول العالم النامي على تغيير سياساتها الاقتصادية والسعي لتحقيق هذا التحول. إن تغيير هذه السياسات يؤدي إلى رفع القدرات التنافسية والإنتاجية للاقتصاد رفعاً كبيراً يغير من منحنى النمو الاقتصادي، أي التزايد في الناتج المحلي الإجمالي الذي ينعكس على دخل الفرد. إذ يزداد معدل النمو بشكل ملحوظ بحيث ينتقل من منحنى النمو السائد لدى الدول النامية إلى المنحنى المألوف للدول المتقدمة التي تحولت إلى مجتمع المعرفة، لقد شهدت عدة دول نامية مثل هذا التغير منها كوريا الجنوبية وسنغافورة.

اتخذت كوريا خطوت هامة جداً في دخولها الاقتصاد القائم على المعرفة خلال العقدين الأخيرين، (الشكل رقم 3).

وكانت كوريا قد بدأت بوضع “خطة شاملة لبناء الاقتصاد القائم على المعرفة” وذلك منذ عام 1999م، فركزت الخطة على إعطاء أهمية قصوى لتطوير الموارد البشرية، والبحث والتطوير والابتكار، والبنية التحتية لنشر واستثمار المعرفة مع الاهتمام الكبير باللغة الكورية وترجمة المعارف إليها، وتحسين المؤسسات المعرفية، وتحفيز الشركات للاستثمار في المعرفة، والاهتمام بإدارة المعرفة، والتحول نحو المؤسسات الاقتصادية كثيفة رأس المال وكثيفة المعرفة، وإنماء الشراكات، وكل هذا دعم تحولها إلى “المجتمع المعرفي”.

وكانت كوريا قد وضعت ونفذت إستراتجية باسم (cyber korea 21 vision) منذ عام 1997م، وقبلها “الخطة الشاملة لتنمية المعلومات ( 1996-2000م) التي طورت في حزيران 1997م لتصبح تحت البند الخامس من قرار حول إطار إنتاج المعلومات
Frame work Act on Information Production الذي احتوى في قسمه الأول على الرؤية لبناء المجتمع القائم على المعرفة. ويبين الشكل رقم (3) كيف ازداد دخل الفرد (GDP/capita) من حوالي 1000 دولار عام 1960  ليزيد عن 13 ألف دولار عام 2005م . منها 3000 دولار لتأثير عاملي المال والعمالة و 9000 دولار لعوامل المعرفة (TFP). كما يوضح الشكل مقارنة مع منحني النمو الاقتصادي للمكسيك التي لم تأخذ بالتوجه نحو المجتمع المعرفي.

وينطبق هذا النهج على العديد من الدول كسنغافورة وإيرلندا وماليزيا وتركيا.

 

الأصول غير المادية والاقتصاد المعرفي

من الظواهر الاقتصادية الهامة في الاقتصاد المعرفي تعاظم الأصول غير المادية بالمقارنة مع الأصول المادية (intangible assets versus tangible assets ) . فمن الأصول المادية: الأبنية والعقارات والآلات غير الذكية والمواد والمفروشات والأصول المالية ، ومن الأصول غير المادية: المعرفة كنتائج البحث والتطوير وكبراءات الاختراع والبرمجيات والملكية الفكرية أو حقوق التأليف والنشر وقواعد المعطيات والمعلومات، والذكاء الاصطناعي والمعلومات الضخمة وأمثالها. والمعرفة من الأصول غير المادية واللغة وعاؤها وصناعة المعرفة تشمل: تصميمها وإنتاجها ونشرها ونقلها واستثمارها وإدارتها. ومن أنواع صناعة المعرفة: الصناعات الإبداعية والصناعات الثقافية، وصناعة المحتوى. كما أن اقتصاد المعرفة وما يشمل من الاقتصاد الرقمي واقتصاد الإنترنت يتكون بشكل أساسي من أصول غير مادية.

وكما ذكرنا تتعاظم عالمياً نسبة الأصول غير المادية في الاقتصاد المعرفي، فيبين (الشكل رقم 4) الاستثمار في الأصول المادية وغير المادية كنسبة من GDP عام 2006م وكيف أن الاستثمار في الأصول غير المادية يتعاظم في الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والنسبة حالياً عام 2019 أكبر. ويبين (الشكل رقم 5) استثمار بعض الدول  في الأصول غير المادية وهي الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي و مجموعة من الدول، كما يبين أنواع هذه الأصول كوسطي للفترة 2000 – 2103م. ونجد أن نسية الأصول غير المادية الجديدة كبيرة. أما (الشكل 6) فيبين لبعض الدول والقطاعات تعاظم قيمة الأصول غير المادية بشكل كبير في الآونة الأخيرة. (فالشكل رقم 6-آ) يعطي قيمة الأصول غير المادية في بعض الشركات، و (الشكل 6-ب) تزايد قيمة الأصول غير المادية في الأعمال لثلاث دول، و (الشكل 6-ج) قيمة الأصول غير المادية حسب بعض القطاعات.  

فكل ماسبق يوضح أن دور المعرفة في تزايد كبير في المجتمع المعرفي وفي الاقتصاد المعرفي، وبالتالي دور اللغة الوطنية وهي وعاء المعرفة للقوى العاملة الوطنية، وطبعاً المحتوى العلمي والمكتبات العلمية ووفهارسها في اللغة القومية من العوامل المؤئرة جداً في ذلك كله.

شكل رقم (4): الاستثمار في الأصول المادية وغير المادية كنسبة من GDP (2006)
شكل رقم (5): استثمار الدول في الأصول غير المادية
الشكل 6-آ: قيمة الأصول غير المادية في الشركات
الشكل 6-ب: تزايد قيمة الأصول غير المادية في الأعمال
الشكل 6-ج: قيمة الأصول غير المادية حسب القطاع

اللغة واقتصاديات المعرفة

تقوم اللغة بدورين اثنين من الناحية الاقتصادية، وهما أولاً كأداة في الاقتصاد وفي عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للدول والأمم ، وثانياً كصناعة وكسلعة، وسنأتي على تعريف هذين الدورين باختصار فيما يلي، على أن نفصل ذلك في فصلين خاصين بذلك فيما بعد في هذه الدراسة.

 اللغة كأداة اقتصادية:
 يُعدّ استعمال اللغة بمردود جيد وكفاءة عالية أساسياً لتحقيق النمو، وضرورياً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وذلك لعدة أسباب منها :

  • أولاً: تُوفِّر اللغةُ تبادلَ ونقلَ الأصول غير المادية في الاقتصاد مثل تبادل ونقل المعرفة والخبرة بين أفراد المجتمع ومؤسساته، فهي وسيلة التواصل بين أجزاء منظومة العلم والتقنية أو مركبات النظام الوطني للإبداع، فهي كالمال أو النقد؛ إذ يقوم النقد أو المال بوظيفة تبادل الأصول المادية تبادُل السلع وتقوم اللغة بوظيفة تبادل الأصول غير المادية من وجهة النظر الاقتصادية (وظيفة communicate).
  • ثانياً: يحقِّق إتقانُ القوى العاملة للغة العلمية والتقنية نقْلَ التقنية (من الأصول غير المادية) للمجتمع من المنابع العالمية لها (وظيفة translate).

  • ثالثاً: إن العمل المشترك المنتِج والفعّال في المكتب والمصنع والحقل يحتاج إلى لغة علمية وتقنية حيّة. وإن العمل المشترك والتعاون ضمن الأمة يؤدي إلى زيادة دخل الجميع، وهذا لا يتحقق إلا باستعمال اللغة الوطنية (وظيفة cooperate). رابعاً: إن تعلم العلم والتقنية والتدرب عليهما ، وتحويل هذه المعرفة إلى خبرات وإلى أفعال ومنتجات وخدمات، يحتاج إلى لغة (وظيفة learning). خامساً: إن استخدام التقنية استخداماً فعّالاً من قبل القوى العاملة ومن قبل كامل المجتمع، ، يحتاج إلى انتشار هذه التقنيات باللغة الوطنية، للوصول إلى ما يسمى بالمجتمع المعرفي، الذي لا يمكن أن يكون بلغة أجنبية!

 


 

اللغة كصناعة وكسلعة:
لقد ازداد دور الصناعات الثقافية (وقاعدتها اللغة الوطنية ) في الاقتصاد العالمي مؤخراً تزايداً كبيراً جداً. إن اعتماد الاقتصاد على المعرفة و الإبداع و التقنية جعل الصناعات الثقافية تلعب دوراً متعاظماً في عملية التنمية. وأخذ هذا الدور أبعاداً تجلّت في كبر مساهمة هذه الصناعات في الناتج الإجمالي المحلي GDP للدول التي اهتمت بها ، و في مساهمتها في خلق فرص عمل وطنية، و في  تنويع الاقتصاد، و في زيادة الصادرات. لقد فاقت مساهمة الصناعات الثقافية، في الناتج الإجمالي المحلي في بعض الدول، مساهمة قطاعات صناعية كبيرة مثل: الصناعات الغذائية، و قطاع البناء، وقطاع الحواسيب وملحقاتها. ومن هذه الدول في أوروبا مثلاً: هولندا و السويد و بريطانيا و بولندا وفلندا و الدنمارك و لاتافيا و لتوانيا.

 


الفهرس العربي الموحد

مساهمة كبرى في  تفعيل  رأس المال الثقافي والفكري والأصول غير المادية للاقتصاد المعرفي العربي إذ يقوم بـ:

  • جمع المحتوى الثقافي لأبناء الأمة والإنتاج الفكري العربي في قاعدة قياسية واحدة.
  • تغطيته لموارد المعلومات العربية النوعية، وشموله بتزايد للمنشورات المطبوعة بكافة أشكالها، والسمع بصرية، والتصويرية, والمحوسبة، والمخطوطة، والمصغرة، والمستمرة، والرقمية،
  • البنية التحتية لبوابات مكتبات الدول وهذه البوابات منظومة متكاملة تخدم ثقافتنا العربية والإسلامية وتدعم البرامج والأنشطة الثقافية والأكاديمية

 

لقد ازداد دور الصناعات الثقافية في الاقتصاد العالمي مؤخراً تزايداً كبيراً. إن اعتماد الاقتصاد على المعرفة و الإبداع و التقنية جعل الصناعات الثقافية تلعب دوراً متعاظماً في عملية التنمية. أخذ هذا الدور أبعاداً تجلّت في كبر مساهمة هذه الصناعات في الناتج الإجمالي المحلي للدول التي اهتمت بها، وفي مساهمتها في خلق فرص عمل وطنية، وفي تنويع الاقتصاد، و في زيادة الصادرات. فقد فاقت مساهمة الصناعات الثقافية، في الناتج الإجمالي المحلي في العديد من الدول، مساهمة قطاعات صناعية كبيرة مثل: الصناعات الغذائية، و قطاع البناء، وقطاع الحواسيب وملحقاتها. أما آليات الدخول في هذا القطاع فتحتاج لتعزيز كبير في المملكة. ومن هذه الآليات تعريب المعارف وتوسيع المحتوى الرقمي العلمي العربي. ولقد بدأت الكثير من الدول تتبنى استراتيجيات وطنية في مجال الصناعات الثقافية لتأخذ حصتها منها عالمياً ولتحافظ على ثقافتها وتنشرها.

لا تزال هناك حاجة في أغلب الصناعات العربية للاهتمام بالأصول غير المادية ولزيادة المحتوى أو المستوى المعرفي في هذه الصناعات وفي كل سلسلة القيمة لها. ومن الأهمية بمكان أيضاً العمل على زيادة قدرات الصناعة في تحويل نتائج البحث والتطوير إلى الصناعة أي تحويل المعرفة إلى ثروة. وكذلك زيادة العمل على قيام صناعات مبنية على المعرفة والميزات التنافسية المعرفية، وليس فقط على الميزات النسبية أو التفاضلية. والاستثمار في القطاعات الواعدة والمحفزة للنمو.

للغة العربية خصوصيات لا بد من الأخذ بها في شكليَّها المكتوب والمحلي حتى تكون صناعات اللغة وتطبيقاتها المعلوماتية ناجحة في العالم العربي.  ومن هذه التطبيقات تعرف الحروف العربية آلياً وتحليل الكلام وتعرف الكلام وتركيب الكلام وفهم اللغة والترجمة الآلية ومعالجة النصوص كالفهرسة والبحث والتحليل وغيرها. والسوق المعلوماتية باللغة العربية سوق كامنة وهامة، خاصة مع انتشار الإنترنت، فهي تغطي منتجات كثيرة في قطاعات التعليم والبحث والتطوير والتوثيق والمكاتبات والإدارة والتسيير والتجارة الإلكترونية و الحكومة الإلكترونية والصحة والأمن والتسلية والصناعة وغيرها.

هناك ميزات تفاضلية للعالم العربي في بعض مجالات الصناعات الثقافية ومنها صناعة البرمجيات مثل:

  • أولاً: البرمجيات المتعلقة باللغة العربية (المترجمات الآلية، برمجيات البحث والفهرسة والتصنيف الآلية، برمجيات تركيب وتعرف الكلام، برمجيات تعرف الحروف آلياً، وغيرها).

  • وثانياً: البرمجيات الثقافية العربية والإسلامية (برمجيات الموسيقى العربية، وبرمجيات التراث الإسلامي والعربي، البرمجيات الدينية، البرمجيات الخاصة بالرسوم والفنون الأخرى الحالية والتراثية وغيرها).

  • وثالثاً: البرمجيات الخاصة بالتجارة العربية البينية والتجارة الإلكترونية، ولوازمها من برمجيات الحماية والعرض والتسويق.

 إن واقع منظومة المعلوماتية العربية يدل على تطور سريع لها واهتمام بها، وبهدف تحسين هذا الواقع لا بد من العمل في مجال بحوث وتطوير اللغة العربية وكذلك اتخاذ بعض الإجراءات التشريعية والتنظيمية والمؤسسية والمالية والبشرية.

 

إجراءات للتحول نحو المجتمع المعرفي واقتصاده عربياً

إن استعراض الأهمية الاقتصادية للغة العلمية والتقنية، ووظائفها الاقتصادية، وآثارها في النمو، وفي نقل وتوطين واكتساب التقنية، وفي التنمية البشرية المستدامة واختزان رأس المال البشري، وفي تسهيل نشر الديموقراطية والتفكير العلمي في المجتمع وقواه العاملة، كل هذا يقودنا إلى طرح مسألة اللغة العلمية والتقنية للقوى العاملة، وتعريب التعليم العالي في جميع الاختصاصات، وفي جميع وسائل الإعلام. ويقودنا هذا الاستعراض أيضاً إلى التوصيات التالية:

  • الحاجة إلى رؤية وسياسة لغوية وطنية وعربية فاعلة تأخذ النواحي الاقتصادية بالحسبان وتقرر دعم الترجمة العلمية وتعليم العلوم والتقنية باللغة العربية، ودعم تعلم اللغة الثانية العلمية والتكنولوجية.

  • الحاجة الماسة إلى أن يدرك الأساتذة والطلاب دور العوائد الاقتصادية الناجمة عن إتقان اللغة العربية العلمية والتقنية (وكذلك اللغة الثانية).

  • إحداث مؤسسات تدرس الجانب الاقتصادي لترجمة العلوم والتقنية، وتعليمها باللغة العربية، وإجراء البحوث والدراسات اللازمة في هذا الصدد.

  • اعتماد مبادرات وطنية لدعم المحتوى العلمي والتقني باللغة العربية على الإنترنت، واعتماد قوانين ناظمة لذلك. إذ ستسيطر عدة لغات على محتوى الإنترنت، واللغة العربية يمكن أن تكون إحدى هذه اللغات بفعل الترجمة (ومن الجدير بالذكر هنا مبادرة الملك عبدالله في المحتوى العلمي المعرفي).

  • عدم ترك عملية بناء رأس المال البشري (ومنها تعليم العلوم وترجمتها بلغة الأم) لقوانين السوق وللأفراد فقط، إذ سيتحكم بها مبدأ تحقيق العائد الشخصي السريع (Short Term Yield). وغالباً ما تتدخل الدولة لتحقيق المصلحة الاقتصادية للجميع وعلى المدى الطويل.

  • تُقدِّم التقنيات الحديثة (مثل: تقنية المعلومات والاتصالات والإعلام واللغة…) أداةً وفرصة للترجمة ولنشر لغة العلم والتقنية لدى القوى العاملة العربية. وهي إلى ذلك تزيد من سرعة وحجم نقل المعرفة، وتقلِّل من كلفتها.

  • الاهتمام الجاد بتعليم العلوم باللغة العربية في المدارس والجامعات مع الاهتمام في الوقت ذاته بتعليم اللغات الأجنبية وإتقانها وخاصة الإنكليزية .

  • دعم البحوث القائمة واللازمة في مجالات اللغة العربية وتقنية المعلومات .

  • الإسراع في تكوين قواعد المعلومات باللغة العربية في مختلف المجالات ووضعها على الشبكات الحاسوبية ومنها الإنترنت .

  • زيادة الاهتمام بتقييس استعمال اللغة العربية في المعلوماتية والاتصالا ت ومنها الفهرس العربي الموحد.

  • وضع المصطلح العلمي وتوحيده ونشره .

  • أخيراً، إن الديموقراطية لا تتحقق لدى شعب لا يمكنه التحدث علمياً بلغته.

 

إجراءات مطلوبة في التحول نحو المجتمع المعرفي

  • رفع المستوى المعرفي للموارد البشرية و فعاليات الإنتاج والخدمات.

  • نقل المعرفة التدريجي من الدول المتقدمة وتوطينها من خلال التعاون العلمي والتجارة.

  • توليد المعرفة المطلوبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

  • نشر المعرفة وتبادلها بين الجامعات ومعاهد البحوث، والأجهزة الحكومية، وفعاليات الإنتاج والخدمات، والمجتمع ككل.

  • استثمار المعرفة والاستثمار في الابتكار الوطني ومخرجاته.

  • إدارة المعرفة

  • تحسين البنية التحتية المعلوماتية.

  • إثراء المحتوى العربي الرقمي (المحتوى المعرفي).

 

تم انتهاء الفترة المسموحة بالتعليق