التسجيلة
العدد الثاني 01/22/2023
مجلة رقمية دورية تصدر عن الفهرس العربي الموحد

الفهرس الموحد علامة فارقة في الثقافة العربية المعاصرة

تاريخ النشر : 29 أبريل، 2022
آفاق جديدة حول المكتبات ومؤسسات المعلومات مع الدكتور منصور الزامل

نلتقي في هذا العدد بشخصية فاعلة، وله جهود ملموسة من خلال عمله في مؤسسات ثقافية عديدة من أبرزها عمله الحالي أمينًا عامًا لمكتبة الملك فهد الوطنية، وقبلها مشرفًا عامًا على عمادة شؤون المكتبات بجامعة الملك سعود، بالإضافة إلى التدريس والبحث العلمي.

 في حوار مع  سعادة الأستاذ الدكتور منصور بن عبدالله الزامل الأمين العام المكلف لمكتبة الملك فهد الوطنية، طرحنا عليه أسئلة تتعلق بالثقافة والمكتبات ومؤسسات المعلومات في المملكة العربية السعودية والعالم العربي، وتفضل مشكورًا بمشاركتنا رؤاه وأفكاره في هذا المجال، ننقلها لكم عبر التسجيلة.

دور المعرفة والمكتبات الوطنية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

أصبح الوصول إلى المعلومات عاملاً مهماً في تحقيق أهداف رؤية 2030 وأهداف خطة التنمية المستدامة، وبما أننا في المملكة العربية السعودية ودولاً عربية أخرى بدأنا بتبني هذه الرؤية، بصفتكم أمينًا عامًا لمكتبة الملك فهد الوطنية ما رأي سعادتكم في دور المعرفة بأشكالها المختلفة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في العالم العربي، وما الدور المنوط بالمكتبات الوطنية على وجه الخصوص في هذا الشأن؟

دور المعرفة في تحقيق التنمية أصبح – في ظل ما سُمي حديثا بـ (مجتمع المعرفة) وتارة (مجتمع المعلومات) – دورًا حاسمًا بعد أن كان ترجيحيًا ونسبيًا، فالقرار في عوالم التنمية المختلفة يبدأ بمعلومة قائمة على مؤشر ومستندة على رقم، والدقة في ذلك تعني صحة صناعة القرار مع خفض الجهد والإقلال من التكلفة. ودراسة مسار التنمية والنهضة في كافة المجتمعات أكد اعتمادها بالدرجة الأولى على اعتبار المعرفة المقوم الأساس للتطور والتقدم.

من جهة أخرى فجميع فئات المجتمع من طلاب ومعلمين وباحثين وإعلاميين وصناع قرار يجمعهم الآن قاسم مشترك واحد هو الاحتياجات المعلوماتية. ومنبع تلبية هذه الحاجة هو المكتبة بكافة أنواعها وخاصة المكتبة الوطنية. ففي إشارة لصحيفة الجارديان – على إثر تنامي تداول مصطلح التنمية المستدامة عام 2013 – أشارت إلى أن التنمية في القرن الواحد والعشرين تتطلب تيسير الوصول إلى المعلومات؛ فالتاجر يحتاج إلى التواصل مع السوق، والمستثمر يحتاج إلى أن يجد التمويل ليبدأ أعماله، والعاملون في القطاع الصحي يحتاجون إلى الوصول إلى الأبحاث لتقديم أحدث ما توصل إليه العلم من خدمة للمرضى، والمشترك بين هذه المجموعات هو الاحتياج المعلوماتي، ومنبعه المكتبة.

مستقبل مؤسسات الثقافة والمعلومات في المملكة العربية السعودية

من واقع عملك وخبرتك في قطاع الثقافة ومشاهداتك كأكاديمي وأستاذ مختص في مجال المكتبات والمعلومات، كيف تنظرون لمستقبل مؤسسات الثقافة والمعلومات في المملكة العربية السعودية التي تحظى بدعم كبير من سمو وزير الثقافة ومدى قدرتها على مواكبة التطور التقني في هذا القطاع؟

مستقبل مؤسسات الثقافة والمعلومات في المملكة  يعتمد على إدراكاتنا للواقع المعلوماتي العالمي ، فالواقع المعلوماتي العالمي هو في الحقيقة ما استجاب له منتدى دافوس العالمي من توصيات  واختار أن يكون موضوع  دورته السادسة والأربعين – لأول مرة في تاريخ دوراته السنوية الممتدة لأكثر من أربعة عقود –  (الثورة الصناعية الرابعة – Industrie.4) وسبق ذلك قمتا (مجتمع المعلومات – جنيف 2003 و تونس  2005) ، وهو ما وضع (علم المعلومات)  كأهم العلوم إلى درجة تسمية العصر بـ ( عصر المعلومات ) وهو ما أضاف أدوارًا جديدة للمكتبات الوطنية خاصة ، وفي هذا الصدد فقد بادرت المملكة في 28 يوليو 2021 بافتتاح (المركز السعودي للثورة الصناعية الرابعة)  بالتعاون  بين المنتدى  ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ، الذي يعد الخامس على مستوى العالم بهدف تطوير وتطبيق التقنيات الناشئة لصالح المجتمع السعودي . وأوضحت رؤية المملكة 2030 على أن الثقافة “من مقوّمات جودة الحياة”   وكان إطلاق “الاستراتيجية الوطنية للثقافة” ب 27 مبادرة في 16 قطاعاً  بتوجيه ورعاية سمو وزير الثقافة الأمير / بدر بن فرحان حفظه الله  شملت العمارة، والتصميم الداخلي، والكتب والنشر، والتراث، والأزياء، والمهرجانات والفعاليات، والأفلام والفنون المرئية، والطعام وفنون الطهي، والمكتبات، والمتاحف، والموسيقى، والتراث الطبيعي، والفنون الأدائية، والشعر، والفنون البصرية، ماعُد يوم الأربعاء 27/3/ 2019  -يوم الإعلان عن المبادرة- يومًا تاريخيًا في تاريخ الثقافة الوطنية.  وفي هذا الصدد فقد اختارت المملكة الاحتفاء باليوم العالمي للكتاب والذي أقرته اليونسكو بتاريخ الثالث والعشرين من أبريل من كل عام اختارت عام 2019 / 1440 ليكون عام تدشين “قيصرية الكتاب” والذي ضم 14 موقعًا للمكتبات تحتضن أنشطة ثقافية على مدار العام، وتكون سوقًا رائجة ودائمة للكتاب، وفي هذا الإطار فإن مكتبة الملك فهد الوطنية تعبر عن بالغ شكرها وتقديرها حيث إن كل ذلك هو رافد أساس لمهامها وخدماتها المعلوماتية الداعمة للمبادرات الثقافية وللمؤسسات المعلوماتية. 

المبادرات الإبداعية ودعم الابتكار في المكتبات ومؤسسات المعلومات

نحن مقبلون على تطورات عظيمة في تطبيقات تقنيات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة، بصفتكم مختصًا في علوم المكتبات والمعلومات، كيف يمكن تفعيل دور الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في تشجيع المبادرات الإبداعية ودعم الابتكار في المكتبات ومؤسسات المعلومات وتطوير المهنة لمواكبة التطورات العلمية وتحقيق الأهداف الوطنية؟

مع ما تشير إليه أكثر المؤتمرات العلمية في العقد الماضي من (تسونامي المعلومات) ومن أن تراكم المعلومات في عام واحد يعادل سابقًا ما يتراكم خلال خمسين عامًا – وهو ما أشارت إليه بوضوح كلمة افتتاح منتدى دافوس الاقتصادي المشار إليه – فإن ذلك يتطلب إعادة ترتيب كافة الأدوار في كافة المجالات وفي كافة المؤسسات . ويقع على عاتق الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الدور الأكبر في ذلك . وفي مجال دعم الإبداع والابتكار بشكل عام فإن ذلك لم يعد شأنًا عفويًا، بل ارتقى في الدول المتقدمة إلى أن عُد “قضية أمن وطني ” فعدم الاستمرار في الإبداع والابتكار قد يعني انهيار أكثر المنظومات العلمية والتقنية والصحية والصناعية والعسكرية والثقافية ومن ثم تراجع الدولة، وانهيار شركة / إمبراطورية نوكيا (Nokia) بعدما كانت مسيطرة على سوق الهواتف مثال واضح. وفي مجال تفعيل دور الجامعات المحلية فقد يكون لنا أن نقترح ، ومن وحي خطوة التأسيس العظيم لما يقرب من ثلاثين جامعة في تزامن متقارب وهي الخطوة التي نُظر إليها كأعظم خطوة في تاريخ تطور التعليم في المملكة ، فلنا أن نقترح – كما التجربة الألمانية – أن تكون كل جامعة أو مجموعة جامعات بارزة في مجال معين؛  فالجامعة في البيئة البحرية لها مجالها البحري الأوسع ، كذلك من تكون في بيئة دينية أو زراعية أو نفطية أو سياحية ، وإن ذلك – من جهة أخرى – من استراتيجيات تطوير علم المكتبات والمعلومات بشكل تلقائي .

تقييم تعليم علوم المكتبات والمعلومات

البرامج الأكاديمية والمناهج والخطط الدراسية في أقسام المكتبات والمعلومات في الجامعات السعودية تحتاج إلى تطوير مستمر لمواكبة الاتجاهات الحديثة في تعليم علوم المكتبات والمعلومات، كيف تقيمون تعليم علوم المكتبات والمعلومات في المملكة، وما مقترحاتكم لتطوير الأقسام الأكاديمية وفق المتغيرات والاحتياجات؟

نضيف إلى ما أوردنا في الفقرة السابقة إلى ضرورة رفع الاهتمام بعلم المكتبات والمعلومات بصفته علمًا رافدًا لكافة العلوم ، لا يمكنها السير الصحيح بدونه. ومن الجوانب المحلية في هذا المجال عدم الانتظام في عقد المؤتمرات المحلية لأفرع المكتبات العامة والمتخصصة والأكاديمية. فالمؤتمرات المنتظمة هي المرآة للتقييم المستمر لتقييم تعليم علوم المكتبات والمعلومات، كذلك الجمعيات الخاصة بكل فرع من فروع هذه المكتبات تؤطرها جميعا (المكتبة الوطنية) بصفتها المظلة العامة لكافة أنواع المكتبات.  وحتى عند انعقادها لا يلاحظ العمل بكثير من توصياتها .

نجاح برامج التعليم عن بعد:

اتسعت تطبيقات التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد في الأعوام القليلة الماضية، ما دور المكتبات ومراكز المعلومات في دعم هذا التوجه خصوصًا في عصر ما بعد كورونا؟ 

بتأسيس (المركز الوطني للتعليم الإلكتروني)  بموجب قرار من مجلس الوزراء الموقّر رقم (35) عام 1439هـ، الهادف إلى تعزيز الثقة في التعليم الإلكتروني، وتمكين تكافؤ فرص التعلم وريادة الابتكار المستدام في التعليم فقد أدى المركز دورًا حيويًا ، وقد كانت فترة جائحة كورونا ، بكل ما صاحبها كفترة عصيبة في تاريخ العالم أجمع، إلا أن من جوانبها الإيجابية أن التعليم عن بعد أصبح شأنًا يسيرًا والدور الذي قامت به المكتبات ومراكز المعلومات هو الإساس في إنجاح برامج التعليم عن بعد وبنيته ومخرجاته.

تطبيقات الحكومة الإلكترونية:

لديكم اهتمام خاص بتطبيقات الحكومة الإلكترونية، كيف تقيمون وضع المملكة العربية السعودية في هذا المجال خاصة بعد إنشاء هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي وهيئة الحكومة الإلكترونية؟

الحكومة الإلكترونية هي ببساطة (استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتقديم الخدمات الحكومية) وهي كذلك (استخدام الإنترنت في ربط مؤسسات الدولة، وربط مختلف خدماتها بالمؤسسات الخاصة والجمهور عمومًا، ووضع المعلومة في متناول الأفراد بشفافية وسرعة ودقة بهدف الارتقاء بجودة الأداء) . فقد احتلت المملكة  المرتبة العاشرة عالمياً في سرعة الإنترنت،  والخامسة عالميا في سرعة الإنترنت المتنقل من بين 140 دولة ، كما احتلت مدينة الرياض المرتبة الثالثة عالميا في سرعة شبكة (5G)، وتمكنت خلال شهر إبريل من عام 2020م من رفع متوسط سرعة الإنترنت المتنقل إلى 55.71 ميجابايت في الثانية، وذلك حسب تقرير  موقع “سبيد تست” العالمي المختص في قياس سرعات الإنترنت المتنقل. ويتمتع مستخدمو شبكة الجيل الخامس (5G) في المملكة بأسرع سرعة تحميل في العالم حسب تقرير شركة تحليلات المحمول (أوبن سيغنال) بسرعة تحميل (144.5G) في الثانية، تلتها كندا بسرعة تحميل تبلغ (90.4G) في الثانية، ثم كوريا الجنوبية بسرعة تحميل (75.6G) في الثانية. وقد كانت فترة الجائحة بمثابة مرحلة معلوماتية إلكترونية – تطبيقية أظهرت قوة البنية المعلوماتية للمملكة ، ففي 26 مارس 2020 أمكن لـ ( الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) تفعيل / تشغيل أول قمة افتراضية عالمية لمجموعة العشرين من خلال تحضيرات تم إنجازها في زمن قياسي لم يتجاوز أسابيع. كما نجحت في دمج وتوحيد 80 مجموعة بيانات حكومية وقامت ببناء منظومة الاتصال المرئي للجهات الحكومية لعقد اجتماعاتها، وعززت كل ذلك بتأسيس (أكاديمية سدايا) لدعم وتطوير الكفاءات الوطنية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي.

في إطار مكتبة الملك فهد الوطنية فقد كانت الجائحة أيضا بمثابة مرحلة معلوماتية إلكترونية – تطبيقية أظهرت قوة البنية المعلوماتية للمكتبة أمكن تقديم 16 خدمة مكتبية إلكترونيا كان أبرزها إتاحة النصوص الكاملة إلكترونيًا لمصادر المعلومات في مجال العلوم والتقنية وكذلك قاعدة بيانات الكتب السعودية .

تطبيق قوانين الملكية الفكرية في العصر الرقمي وانعكاساته على قيمة الفرد الفكرية ماديًا:

ما أهمية تطبيق أنظمة وقوانين الملكية الفكرية في العصر الرقمي محليًا وعالميًا؟

الملكية الفكرية بصفتها سلطة نظامية مباشرة للشخص على جميع منتجات فكره تمنحه حق الاستئثار والانتفاع بما تدر عليه أفكاره من مردود مالي للمدة المحددة نظامًا دون منازعة أو اعتراض من أحد ، كانت عاملاً رئيسًا في التنمية والنهضة الأوروبية الحديثة ، ومنها شاعت ثقافتها في دول العالم حيث يعد الآن مفهوم رأس المال الفكري (Intellectual Capital) حقلاً علميًا جديدًا محل تنافس بل وحتى صراع بين الدول أوجد أهم ظواهر القرن وهي ظاهرة العقول المهاجرة ،  ومن أهم الاتفاقيات الدولية في هذا المجال :

  • اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية لسنة 1883م والمعدلة سنة 1979 م
  • اتفاقية بيرن بشأن حماية المصنفات الأدبية والفنية لسنة 1881 م المعدلة سنة 1979 م
  • اتفاقية مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات لسنة 1891 م والمعدلة سنة 1979 م
  • اتفاقية لاهاي بشأن الإبداع الدولي للرسوم والنماذج الصناعية لسنة 1925 م المعدلة سنة 1979 م
  • اتفاقية ستراسبورغ بشأن التصنيف الدولي للبراءات سنة 1971 م المعدلة سنة 1971 م
  • اتفاقية جوانب الملكية الحقوق الفكرية المتصلة بالتجارة (تربس) لسنة 1994 م

وفي الإطار المحلي فقد تتابع اصدار القوانين في هذا المجال ومن أهمها :

  • نظام المطبوعات والنشر الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 32 وتاريخ 3/9/1421 هـ
  • نظام حماية حقوق المؤلف الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / تاريخ 1424 هـ
  • نظام العلامات التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م /21 وتاريخ 28/5/ 1423 هـ
  • نظام براءات الاختراع الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 38 وتاريخ 10/6/ 1409 هـ
  • نظام براءات الاختراع لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 28 وتاريخ 10/ 6/1422 هـ

ونشير إلى أنه إذا كان تطبيق نظم الملكية الفكرية بجانبيها العادي والرقمي كان من أسس التنمية والنهضة الأوروبية ، وقد تكرر ذلك في دول النهوض الآسيوي (النمور الآسيوية) في العقود الثلاث الماضية مع ما “أبدعته” في تكامل دور الفرد مع دور روح الفريق، وكان ذلك عاملاً ثانيًا. في حين تشير التقديرات أن من أهم أسباب تأخر المنطقة العربية علميًا وثقافيًا هو إهدار هذا الجانب حيث أشارت إحدى التقديرات أن خمسة مفكرين / كتَّاب فقط في كافة العالم العربي ذو الثلاثمائة مليون نسمة أمكنهم العيش على مردود إنتاجهم الفكري. وإذا ما قامت تلك النظم على إعلاء قيمة الفرد الفكرية وحرية إيصال إبداعه للمجتمع فإن قوانين الملكية الفكرية ستعزز قيم الإبداع والابتكار ومن ثم تحقيق التنمية وصولاً إلى وضع أهم لبنات الحضارة .

تطوير أداء الجمعيات العلمية والمهنية:

للجمعيات العلمية والمهنية دور مهم للنهوض بمهنة المكتبات والمعلومات في المملكة والعالم العربي، ما مقترحاتكم لتطوير أداء هذه الجمعيات لتحقق الهداف المنوطة بها في عصر المعرفة؟

 كما أسلفنا فإن الجمعيات العلمية هي إدارة معرفة آخر ما توصل إليه تطور حقل معين من العلوم ، يوضح ذلك المؤتمرات العلمية التي تعقدها بانتظام ، وتعد هذه ( المؤتمرات ) “بوصلة معرفية” لمعرفة الاتجاهات البحثية على مستوييها الأفقي والرأسي . وفي ظل ما أوضحنا من التراكم غير المسبوق في حقول المعرفة وفي ظل التطور اللامتناه في الثورات العلمية – كما هو أحد أهم عنوانين الكتب الذائعة – فالتكرار والاجترار هو بديل التطور والابتكار في ظل عدم وجود الجمعيات العلمية والمهنية ، بل ويقتضي اتصافها بالنشطة والذكية . وفي هذا المجال فيمكن للدول العربية اقتفاء النموذج الأوربي أو الأمريكي أو الآسيوي.

وفي إطار (جمعية المكتبات والمعلومات السعودية) فإن إطلاقها من قبل وزارة الثقافة بتاريخ ١٥ محرم ١٤٤٣ الموافق٢٣ أغسطس ٢٠٢١ بدعم من برنامج  (جودة الحياة) أحد برامج تحقيق (رؤية ٢٠٣٠) هو خطوة في هذا المجال بهدف تمكين الممارسين ودعم بحوثهم ودراساتهم وبناء السياسات والمعايير التي تنظم عمل قطاع المكتبات وفق أفضل الممارسات الدولية.

والجدير بالذكر فإن مبادرة «تأسيس الجمعيات المهنية الثقافية» التي تولتها وزارة الثقافة برعاية صاحب السمو وزير الثقافة حفظه الله التي هدفت إلى تكوين ست عشرة جمعية مهنية في ثلاثة عشر قطاعًا ثقافيًا، خلال عام 2021. بتكون روابط مهنية للمثقفين والفنانين السعوديين، ستتيح المجال الأوسع لتنمية مهاراتهم، وإبداء مبادراتهم وتشكيل نماذج ثقافية جاذبة لاحتراف الثقافة والفنون.

مسيرة الفهرس العربي الموحد في تعزيز التكامل المعرفي العربي:

هناك مشاريع ثقافية عربية أثبتت نجاحها ومن أهمها الفهرس العربي الموحد، كيف تقيمون مسيرة الفهرس وما مقترحاتكم للفهرس لتعزيز التكامل المعرفي العربي؟

مع ما أشرنا إليه من بعض الجوانب الإيجابية وبعض ما يحتاج إلى التطوير ، ومع ما ندركه من عمق (الفجوة الرقمية ) ، بل وعمق النظر إلى عمق هذه الفجوة – بحسب التعبير الذائع للأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان فإن (الفهرس العربي الموحد) هو (استثناء معرفي عربي). فللمرة الأولى في التاريخ العربي المعاصر بكافة أشكال تعاونه / تكامله الاقتصادي والسياسي والعسكري وتفاوت الاستمرارية والفاعلية في هذه الجوانب فإن (الفهرس العربي الموحد) علامة فارقة في الثقافة العربية المعاصرة ، وداعم قوي لمؤسسات المعلومات في أعمالها الفنية. فهو السبيل للتكامل وهو كذلك للبناء المعرفي الرأسي بدل الأفقي المكرر بفعل عدم معرفة سير الأبحاث بين مشرق دول العالم العربي ومغربه، ومما يجدر ذكره وشكره الندوات الحوارية، على جانب نشاطات الفهرس، والمستمرة بلا انقطاع والتي تقام وتبث وتوثق رقميا لإتاحتها المستمرة بمهنية قل نظيرها في العالم العربي وفي العالم. وهي أصبحت منتدىً عربيًا معلوماتيًا يحرص على المشاركة الفاعلة فيه من كل الأقطار العربية.

 

تم انتهاء الفترة المسموحة بالتعليق