التسجيلة
العدد الثاني 01/22/2023
مجلة رقمية دورية تصدر عن الفهرس العربي الموحد
تاريخ النشر : 21 نوفمبر، 2022
الأمين العالم لجائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة

تستعد مكتبة الملك عبد العزيز العامة لتدشين حفل تسليم جوائز الدورة العاشرة بعد الإعلان عن أسماء الفائزين بها، وفي سياق الترويج للثقافة العربية ذات الإشعاع الإنساني ونقل صورة إيجابية لرموز الثقافة العربية لتندرج في سياق التطوّر المعرفي والاطلاع العميق الذي يصنع الحضارات نلتقي في هذا العدد سعادة الأمين العام لجائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة الدكتور سعيد بن فايز السعيد.

العناية باللغة العربية في إطار رؤية المملكة 2030 تعد من المرتكزات الأساسية في تحقيق تطلعات برنامج تنمية القدرات البشرية عبر الإسهام في تعزيـز القيـم والهويـة الوطنيـة وزيـــادة نـــشر اللغـــة العربيـــة والاعتزاز بها. كيف يمكن تفعيل دور الترجمة في هذا المجال؟

بالتأكيد، فإن اللغة تعد من أهم المقومات الأساسية لتنمية القدرات البشرية، وبحكم أن اللغة تعد من الأركان الأساسية للهوية الوطنية، فقد اعتنت رؤية المملكة ٢٠٣٠ في العمل على تعزيز اللغة العربية تعليماً وتعلماً، والاهتمام بها بوصفها مكتسباً ثقافياً ومن أساسيات التنمية المستدامة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي هذا السياق أيضاً فإن تفعيل الترجمة من وإلى اللغة العربية يفتح دون شك آفقاً جديدة لترجمة الإنتاج الأصيل في مجال اللغة العربية وآدابها وفنونها وتاريخها إلى اللغات الأجنبية وترجمة ما يكتب من آداب وفنون وعلوم وتاريخ باللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، مما يعزز من حضور اللغة العربية وآدابها وفنونها وعلومها في التناول اللغوي العلمي العالمي، وبما يحقق من جانب وجود اللغة العربية كلغة عالمية ويضعها على قدم المساواة مع اللغات العالمية المنتجة للمعرفة. ويدعم من جانب آخر الإنتاج العلمي واستثماره في إنتاج وتوليد المعرفة اللازمة في تسريع التقدم العلمي والمساهمة في تحقيق الخطط الاستراتيجية للدول.

في ضوء مبادرات وزارة الثقافة وما تقوم به من جهود متميزة تتمثل في تأسيس هيئات ثقافية ومن ضمنها هيئة الأدب والنشر والترجمة؛ ما مستقبل الترجمة في المملكة العربية السعودية في إطار ما تخطط له هذه الهيئة التي تعنى بالتنظيم والإشراف على قطاع الأدب والنشر والترجمة؟

تشهد المملكة العربية السعودية في هذا المجال من خلال مبادرات وزارة الثقافة نهضة نوعية. تميزت هذه النهضة بتأسيس وزارة الثقافة للعديد من الهيئات ومن ضمنها هيئة الأدب والنشر والترجمة التي بدورها تهدف إلى تعزيز واقع الترجمة في المملكة والنهوض بحركة الترجمة وتنظيمها والعمل على تجويدها وفقا لمتطلبات نقل المعرفة بين اللغات التي تشهد في الوقت الراهن تزايدا على طلب الترجمة التخصصية وفقًا لمعايير الجودة الدولية.

بوصفكم الأمين العام لجائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة نود من سعادتك الحديث عن أهداف الجائزة ومرتكزاتها؟ وجهود مكتبة الملك عبد العزيز العامة في دعم الجائزة والعمل على نجاحها واستمرارها وأهمية هذا الدعم؟

إن جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة التي ترعاها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تسعى منذ إنشائها الى تنشيط الترجمة من اللغة العربية وإليها وفقا لمعايير علمية من أبرزها أهمية الموضوع وجودة الترجمة. وفي هذا الإطار ساهمت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة من خلال اطلاقها لهذه الجائزة العالمية في تعزيز حركة الترجمة من اللغة العربية وإليها على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي. وعلى هذا الأساس، فإن أهداف الجائزة تتلخص في تشجيع الترجمة من اللغة العربية وإليها في مختلف مجالات العلوم الإنسانية والطبيعية، وإثراء حركة تبادل الأفكار والمعارف والخبرات، والإسهام في نقل المعرفة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، وتشجيع الترجمة في مجال العلوم من اللغة العربية وإليها، وإثراء المكتبة العربية بالأعمال المترجمة المميزة التي تلبي احتياجات الباحثين وطلاب العلم في مجال العلوم الحديثة، وتكريم الأفراد والمؤسسات والهيئات التي أسهمت بجهود بارزة في نقل وترجمة الأعمال العلمية من اللغة العربية وإليها، والنهوض بمستوى الترجمة وفق أسس مبنية على الأصالة والقيمة العلمية وجودة النص واحترام حقوق الملكية الفكرية.

بعد النجاحات الباهرة التي تحققت لجائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة في دوراتها العشر والتي أكسبتها سمعة دولية متميزة، هل هناك في الأفق مشاريع تطويرية يمكن الإعلان عنها؟

بالإضافة إلى مشروع الجائزة الذي يهدف الى تنشيط حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية وتكريم المترجمين والأعمال المترجمة على مستوى الأفراد والمؤسسات، فإن الجائزة مستمرة في تقديم المبادرات التي تتعلق بالنهوض بحركة الترجمة من خلال عقد ورش العمل وإقامة الندوات العلمية وعقد الشراكات العلمية التي تساهم في تحقيق أهداف الجائزة وتعزيز حضور الترجمة من اللغة العربية وإليها.

سيقام حفل توزيع الجائزة في رحاب جامعة القاهرة بالتعاون معها، وقد سبق إقامة حفلات توزيع الجائزة في دورات سابقة بالتعاون مع جهات علمية في الصين والبرازيل وفرنسا وسويسرا وغيرها من الدول، كيف تصفون حرص المؤسسات العلمية في العالم العربي والعالم على التعاون مع المكتبة في استضافة حفل توزيع الجائزة، وهل يضيف هذا بعدًا علميًا ودوليًا للجائزة؟

حرصت جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة منذ تأسيسها على مشاركة المؤسسات العلمية لهذه المناسبة محليًا وإقليميا وعالميا بهدف ترسيخ الصفة العالمية للجائزة وتأكيد انفتاحها على كافة الثقافات واللغات، والحقيقة إن المؤسسات العلمية ذات الصلة تبادل الجائزة الاهتمام نفسه وتسعى لتحقيق مثل هذه الشراكة التي تعود بالنفع العلمي والمعرفي على جميع الشركاء. وفي هذا الإطار فإن الجائزة تشكر جامعة القاهرة لما أبدته من حرص وترحيب في استضافة حفل تسليم الجائزة والندوة العلمية المصاحبة لهذه المناسبة.

أصبحت الجائزة محط أنظار المترجمين والمؤسسات المعنية بالترجمة بصفتها قيمة علمية مضافة لمن يحصل عليها، كيف تصف دور الجائزة في جذب واستقطاب المترجمين واهتمام الهيئات العلمية والأكاديمية ومراكز البحث العلمي والترجمة وأثرها في تطوير الترجمة كمًا ونوعًا؟

نشعر بسعادة غامرة لتمكن الجائزة من المضي قدماً في تحقيق أهدافها ونجاح هذا المشروع العلمي الكبير الذي قدمته المملكة العربية السعودية ليس فقط للثقافة العربية، بل أيضاً للعالم أجمع. ومن واقع تشرفنا بالعمل في أمانة الجائزة أستطيع أن القول دون أدنى شك بأن جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة أصبحت محل اهتمام المترجمين ومؤسسات الترجمة. والحقيقة إن الجائزة ليست قيمة علمية فحسب بل شكلت على مدار السنوات الماضية حراكا علميا لدى قطاع الترجمة وأصبحت وجهة علمية يستهدفها المهتمون في هذا المجال، وهو الأمر الذي ساهم في تحقيق النهوض بحركة الترجمة من اللغة العربية وإليها في مختلف اللغات والتخصصات. كما عزز هذا الحراك من جانب آخر في تنشيط الترجمة في مختلف الاختصاصات العلمية والإنسانية والثقافية، ولا شك إن مثل هذا الحراك يساهم في تنمية الثقافة العلمية وإثراء المحتوى العربي وتعزيز مكانة اللغة العربية في مجال الترجمة.

ماذا يعني لكم التكريم الذي تم برعاية وحضور الأمير خالد الفيصل رئيس هيئة جائزة الملك فيصل الرئيس الفخري لمنتدى الجوائز العربية؟

إن رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وحضوره يمثل الشيء الكثير للجائزة ولكل مهتم بالترجمة وبقضاياها، فالأمير خالد الفيصل يعد رمزا في مجال الثقافة والفكر، ورعاية سموه الكريم تدفع الجائزة إلى مواصلة عملها في دعم حركة الترجمة من اللغة العربية وإليها.

هناك جوائز ومؤسسات ومشروعات ترجمة في العديد من الدول العربية، هل هناك حاجة إلى أن يكون لدينا مشروع ترجمة عربي موحد يؤدي إلى التعاون والتكامل وتوحيد للجهود وترشيد الموارد؟

لا أعتقد أن ثمة مشكلة في تعدد الجوائز ومشاريع الترجمة، أو حتى في تعدد الجهات التي تعنى بالترجمة في العالم العربي، بل إن مثل هذا التنوع والتعدد ظاهرة حميدة ويساهم في تفعيل حركة الترجمة والنهوض بها. ولكن وفي ضوء هذه التعددية فإن الأمر يتطلب أن تتضافر الجهود وأن يكون هناك تنسيق بين الهيئات التي تعنى بالترجمة من أجل توفير الجهود المبذولة على المستوى المعرفي والاقتصادي. وفي هذا الإطار، نأمل من الجهات الرسمية المعنية بالترجمة القيام بدور التنسيق بين المترجمين ودور النشر لضمان عدم تكرار الموضوعات المترجمة وتحيق مبدأ الأولويات في الترجمة.

“جهود المؤسسات أو الهيئات” يدخل ضمن الستة مجالات للجائزة. كيف تقيم مستوى المؤسسات في العالم العربي في دعم الترجمة التي تعكس حضارة المنطقة العربية وتطرح قضاياها من وجهة نظر أبنائها؟ وماذا تحتاج لتكون أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف التي تزيد من التفاعل العلمي والثقافي بين اللغة العربية واللغات العالمية الأخرى؟

تساهم مؤسسات الترجمة في الدول العربية بدعم حركة الترجمة من اللغة العربية وإليها وإثراء هذا القطاع، وهي متنوعة ومتعددة. وقد ساهم هذا التنوع في نقل الكثير من الأعمال إلى اللغة العربية. وأعتقد أن ما تحتاجه هذه المؤسسات لكي تكون أكثر تفاعلا وإنجازا هو التنسيق فيما بينها وتنمية مواردها من أجل المحافظة على استمرار العمل، وعقد الشراكات مع دور النشر العالمية لترجمة كل ما هو جديد ونافع في الوقت المناسب وبالتزامن مع صدور النسخة الأصل، وكذلك الاهتمام بالنقل عن اللغة العربية إلى اللغات الأخرى إسهامًا منها في مد جسور التواصل المعرفي والثقافي بين الحضارة العربية والحضارات الأخرى.

من الملاحظ أن بعض فروع الجائزة تحجب أحيانًا في بعض دوراتها هل يعكس ذلك ضعف مستوى الترجمة؟ أم ضعف أداء الأكاديميين؟ أم هو ضعف الدعم والاهتمام بالتأليف والنشر وضعف النتاج العربي الفكري والأدبي والعلمي؟ أم أنها عوامل أخرى كضعف الحوافز المقدمة مقابل الوقت والجهد من قبل المترجم؟

بكل أسف، لقد حجبت الجائزة في جميع دوراتها في فرع الترجمة في العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وهذا أمر يرتبط بمسألة انتاج المعرفة في العالم العربي. مما جعل هذا المنتج ان وجد لا يرتقي إلى مستوى معايير التحكيم في الجائزة. ولعل هذه المناسبة فرصة لحث الباحثين في مجال العلوم الطبيعية في العالم العربي لكتابة بحوثهم باللغة العربية وبذل مزيد من الجهد في البحث والنشر باللغة العربية.

بحكم تجربتك الواسعة هل ترى أنه يمكن إضافة بعض المجالات الحديثة أو أن الستة مجالات المطروحة كافية وتغطي جميع العلوم والمعارف؟

الحقيقة إن المعرفة متغيرة ومتطورة، والجائزة تحتاج في هذا المجال إلى مواكبة التغيير والتطوير، ولهذا فإن اللجنة العلمية في الجائزة تعمل في الوقت الراهن على وضع هيكلة جديدة تستهدف مراجعة نظام الجائزة ووضع تصورها وفقا للمتغيرات وحاجة المجتمع العربي المعرفية.

ما مدى إمكانية تطوير مجالات الجائزة بما يتوافق مع توجهات وزارة الثقافة والتطور الثقافي بالمملكة والابتعاث؟ وهل يوجد تخطيط للاهتمام بترجمة التراث والإنتاج الفني والسينمائي والأفلام والروايات والبرامج والأفلام الوثائقية؟

بالتأكيد فإن توجهات وزارة الثقافة ومبادراتها كان لها الأثر الكبير في الاهتمام بهذه القضايا التي تمثل عماد الثقافة. وجائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة تواكب هذا التوجه من خلال تنوع وشمولية مجالاتها المعرفية التي حددت التنافس عليها في ستة فروع هي جائزة لجهود المؤسسات والهيئات، وآخر في ترجمة العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وثالث في ترجمة العلوم الإنسانية من جميع اللغات إلى اللغة العربية، ورابع في ترجمة العلوم الطبيعية إلى اللغة العربية، وخامس في ترجمة العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وخصص الفرع السادس لتكريم جهود الأفراد.

يعد المحتوى الرقمي الدقيق والهادف أحد مؤشرات قياس تقدم الدول التي تتبنى مفهوم اقتصاد المعرفة (ومدى قدرتها في نقل علومها وإنتاجها الفكري والعلمي وحضارتها وتراثها) والملاحظ أن المحتوى الرقمي العربي خاصة مع اختلاف طرق الاطلاع والقراءة وانتشار التعليم والتدريب عن بعد ما زال متأخرًا مقارنة بدول متقدمة. هل يمكن اعتبار الترجمة والتعريب حلاً من الحلول لولوج عصر المعرفة ودعم صناعة المحتوى العربي الرقمي؟

في البداية لعلنا نتفق أن ثمة حاجة ماسة لتوفر محتوى الكتروني في اللغة العربية، خصوصاً مع الإقبال المتزايد في الوقت الراهن على المحتوى الرقمي الذي يقابله ضعف واضح في المحتوى الرقمي العربي، لا سيما في الإعمال ذات الصبغة العلمية والفكرية الأصيلة. والحقيقة إن استثمار الترجمة في تعزيز حصيلة المحتوى الرقمي العربي بحكم إنها انتاج معرفي يستحق أن توجه لها الجهود وتسخر لها الإمكانات اللازمة وأن يتصدى لها مترجمين مهنيين يملكون القدرة على ضبط دقة الترجمة والحفاظ على مضمون العمل الأصل وفق المعايير العلمية في جودة اللغة ورصانة الأسلوب.

 

 

قم بتسجيل الدخول لتتمكن من التعليق دخول