مجلة رقمية دورية تصدر عن الفهرس العربي الموحد
تهتم الدول المتقدمة والتي تحكمها قيادات واعية بالجوانب الثقافية في مختلف نواحي حياة الموطنين وأدراجها كأحد مكونات العملية التعليمية والتدريبية. أثناء دراستي في الولايات المتحدة الامريكية لاحظت أن الجامعة تقدم فصول دراسية متخصصة في فن الحياكة – هذا الآمر أثار استغرابي لأنني كنت اعتقد ان الأنسان تجاوز هذه المرحلة ومع وجود التكنولوجيا لم يعد هناك حاجة لتدريس الحياكة بصيغها التقليدية الا أنني أدركت أن هذه الأمة الصناعية لم تتجاهل الماضي الذي أستغرق من الإنسان آلاف السنوات حتى يطور أساليب الحياكة وأدواتها وأن الانسان الواعي هو من يحافظ على مكتسباته الثقافية بصورها المتعددة وأن ثقافات الشعوب وفنونها هي كنوز ثرية والحفاظ عليها دلالة على رقي الشعوب وتقدير لجهود الأنسان الماضية.
لا شك ان للثقافة والفنون الإنسانية العديد من المنافع لجيل اليوم اقتصادياً تارة ومعرفيًا تارة أخرى وهي أحد الوسائل التي تعزز الانتماء والوحدة والتعارف بين كافة الشعوب والحضارات والأديان.
اليوم في المملكة العربية السعودية نرى اهتمام كبير بهذا الجانب ضمن برامج الرؤية ومهام وزارة الثقافة والسياحة والجهات الأخرى ذات العلاقة. هذا الاهتمام بلا شك سوف يسهم في إبراز المكونات الثقافية لهذا الجزء من العالم الغني بالثقافات والفنون المختلفة والممتدة لألاف السنين.
ولتحقيق الأثر، نرى ان تعزز كافة الجهات ذات العلاقة جهودها بالاهتمام بالمكونات الثقافية وإدراجها في المناهج التعليمية والتدريبية عبر مدارس وأكاديميات متخصصة تُبنى على معايير مؤسسية تأخذ بعين الاعتبار المحيط الجغرافي والثقافي لكل جزء من الوطن بحيث تعمل بالشراكة مع المجتمع المحلي الحاضن لهذه المعالم الثقافية والممارس لهذه الفنون والذي يحتفظ بذاكرة المكان وتاريخ انسان الجزيرة العربية.
كذلك من المهم لأحداث الأثر ان تنشأ هذه البرامج في إطار مؤسسي محوكم بشكل سليم يشارك فيه وبشكل فاعل أصحاب المصلحة وان تقاس كافة الجوانب التي تدعم الاستمرارية وان تساهم القطاعات المتنوعة في انتاج ثقافي اصيل يجسر العلاقات بين الشعوب وبين الماضي والمستقبل وأخير أرى أهمية بناء برامج تدريبية في هذه النطاق متخصصة ومستدامة وفاعلة وان يؤهل مدربون ومعلمون من أصحاب الخبرات لنقل هذه المعرفة وان تكون مخرجات هذه البرامج وافد ثقافي واقتصادي للمنطقة وان تساهم في الحفاظ ونقل ثقافة وفنون المنطقة للأجيال القادمة.
