التسجيلة
العدد الثاني 01/22/2023
مجلة رقمية دورية تصدر عن الفهرس العربي الموحد
تاريخ النشر : 15 مايو، 2022
الفهرس العربي الموحد ودوره في تعزيز الثقافة العربية

اعتاد جمهور البرنامج المعرفي للفهرس العربي الموحد الذي يقام ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة أن يحضر ندوات يديرها الدكتور صالح المسند مدير مركز الفهرس العربي الموحد ويحاور ضيوفه بما يملكه من مهارة شخصية وخبرة علمية وعملية كأكاديمي وباحث من المملكة العربية السعودية وله العديد من الكتب والبحوث العلمية ، وبدأ عمله الأكاديمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعد تخرجه من جامعة بيتسبرغ الأمريكية، ثم عين وكيلا لعمادة شؤون المكتبات في جامعة الأمام وبعدها التحق بالمؤسسة العامة للتعليم والتدريب المهني حيث عين مديراً عاماً لإدارة المكتبات، والتحق بعدها بجامعة الملك سعود كأستاذ مشارك؛ ولكن مساء يوم الثلاثاء الخامس عشر من شهر مارس لعام 2022م؛ كانوا على موعد مع ندوة حوارية مباشرة نظمتها كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بالتعاون مع مركز الفهرس العربي الموحد وتميزت بأن ضيفها هو الدكتور صالح المسند المعروف لدى أوساط المختصين في الوطن العربي بوصفه مشرفًا على نشاط ثقافي متنوع عبر منصات الاتصال المرئي والمسموع، ويحظى باعتراف عربي وإقليمي كبير، وبدأت علاقته بمكتبة الملك عبدالعزيز ومركز الفهرس العربي الموحد في عام 2003م عندما عين مديراً للمركز، وأسند إليه مهمة قيادة التأسيس لهذا المشروع الثقافي البارز الذي أطلق رسمياً في عام 2007م، ويعد متحدثًا رسميًا في كثير من الملتقيات والمؤتمرات الدولية للفهرس العربي الموحد.

وتناولت هذه الندوة موضوعا يشكل أهمية ليس للمتخصص فقط في قطاع المكتبات والمعلومات وإنما للمثقف العربي تحت عنوان “الفهرس العربي الموحد ودوره في تعزيز الثقافة العربية”، وتولى الدكتور نبهان الحراصي عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية إدارة الحوار عبر منصة زوم بمشاركة مجموعة من المستمعين على الصعيد العربي.

 وسوف نستعرض من خلال هذا التقرير الأسئلة التي طرحها الدكتور نبهان وإجابات الدكتور صالح كما وردت في الندوة.

مرحلة التأسيس والبدايات الفكرة والمبررات

الدكتور نبهان: دعنا نبدأ بسؤال تمهيدي حول دوافع ومبررات المشروع، كيف كانت البدايات؟ وما الدور الذي لعبته مكتبة الملك عبد العزيز العامة في دعم وتطوير المشروع؟

 الدكتور صالح: الفكرة بدأت قبل ذلك بفترة طويلة منذ عشرات السنين حيث كان هناك مطالبات من قبل الباحثين في المؤتمرات العربية ومقالات ودراسات حول أهمية إنشاء فهرس عربي موحد و توحيد المعايير والممارسات في مجال تنظيم المعلومات في المكتبات العربية، وللأسف أرى أننا تأخرنا طويلا في هذا المشروع، بعد ذلك تبنت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الفكرة وحظيت بموافقة من المقام السامي وهو أعلى سلطة في الدولة حيث وافق على إنشاء الفهرس العربي الموحد خدمة للثقافة العربية والإسلامية وأيضا دعمًا للمكتبات والباحثين في العالم العربي. وتبنت مكتبة الملك عبد العزيز العامة المشروع بقيادة المشرف على المكتبة معالي الأستاذ فيصل بن معمر حيث دعمته  المكتبة بكل قوة من الناحية المعنوية والمادية حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن. والفهرس مر بعدة مراحل: الأولى كانت مرحلة دراسات واستغرقت بعضا من الوقت وتأكدنا فعلا أن هناك حاجة لإنشاء فهرس عربي موحد وأيضا هناك حاجة إلى توحيد المعايير والتقنيات في المكتبات العربية خاصة مع التطورات التقنية التي حصلت، فهناك مبرر تقني ومبرر فني في المكتبات العربية وأيضا قبل ذلك هو خدمة الثقافة العربية والإسلامية وبعد ذلك انطلق المشروع، ثم مرحلة الإعداد، وأخيرا مرحلة الانطلاق وتقديم الخدمات.

دور مكتبة الملك عبد العزيز بارز بشكل كبير جدا، حدثنا عن هذا الدور وكيف تمثل في البدايات وكيف استمرت المكتبة في الاشراف على هذا المشروع الكبير؟ 

لقد كان عند المكتبة الرغبة في إنشاء هذا المشروع العربي الريادي وأيضا لقي دعمًا خاصًا من معالي المشرف العام على المكتبة الأستاذ فيصل بن معمر  ونائبه الدكتور عبدالكريم الزيد لتبني هذا المشروع وتوفير كل الدعم المادي والمعنوي لإنجاحه وبذلك كان هناك دراسات للتأكد كما أسلفت من جدارة البدء بهذا المشروع وأهميته على مستوى العالم العربي. وبعد أن أجريت تقريبا ثلاث دراسات في هذا الأمر بحثنا عن الطريقة المناسبة لإنجاز هذا المشروع ويعلم المختصون في مجال المكتبات والمعلومات أن العالم قد سبقنا في هذا الأمر، يعني في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا وغيرها من الدول سبقونا في المجال، فمكتبة الكونجرس تبنت إدخال تقنية المعلومات في أعمالها وبالذات في مجال تنظيم المعلومات وبدأت بإنشاء سلسلة مارك في الستينات حتى وصلنا إلى مارك 21، والآن التفكير فيما بعد مارك 21، ونلاحظ أن تقنية المعلومات كان لها دور كبير جدا في تحريك الفضاء المكتبي في العالم كله وبما فيه العالم العربي، نحن تأخرنا كثيرا ولا أقول قليلا في مجال إدخال تقنيات المعلومات، وهنا أتى دور مكتبة الملك عبدالعزيز بالبحث عن الأسلوب المناسب لتنفيذ هذا المشروع، وهو أن يكون هناك تعاون وتنسيق مع القطاع الخاص حيث تم التعاون مع شركة نسيج -وهي شركة معروفه في عالم المكتبات والمعلومات في العالم العربي-، وبدأت شراكة النجاح منذ 2003م، حتى وصلنا في أبريل من عام 2007م إلى تدشين المرحلة الأولى لانطلاق خدمات الفهرس العربي الموحد.

مشروع الفهرس العربي الموحد قائم على فكرة التعاون والتشارك في إنشاء وتطوير قاعدة بيانات موحده بين المكتبات العربية أو التي تضم الكتاب العربي، كيف ترسخت هذه الشراكة في الوطن العربي؟

نحن في عالم المكتبات والمعلومات تعودنا على الشراكة والتشارك في مصادر المعلومات وحتى في البطاقات الورقية قبل دخول تقنية المعلومات، ولذلك بيئة المكتبات والمعلومات تعد من البيئات المختلفة التي تحظى بتعاون وود بين أصحاب المهنة، مما شجع المبادرات التي حدثت على المستوى العالمي مثل مكتبة الكونجرس، والمكتبة البريطانية، والمكتبة الوطنية الفرنسية على إيجاد الأرضية اللازمة لانطلاق المشاريع التشاركية والتعاونية، وحتى على مستوى الإعارة المتبادلة هذه من المبادرات المهمة التي طبقت في الولايات المتحدة الأمريكية وبين أمريكا وأوروبا أيضا بين المكتبات العالمية . ولذلك نحن لسنا غريبين عن التعاون والتشارك والتكامل حتى يمكن أن نصل لمرحلة أعلى من التشارك وهي مرحلة التكامل بين مؤسسات المعرفة العربية وحتى العالمية، فنحن أيضا جزء من المحيط العالمي ولا نستطيع أن ننعزل عنه وبالتالي لابد من التكتل والتكامل بين مكتباتنا ومؤسسات المعرفة العربية لنخدم ثقافتنا العربية ونخدم الكتاب. كما أشرتم في مقدمتكم الجميلة ثقافتنا العربية تستحق الكثير وتتطلب منا العمل والجهد حتى نصل بها إلى المستوى العالمي وفيها مفاخر كثيرة وفيها كنوز نستطيع أن نبرزها على المستوى العالمي ونخدمها بشكل جيد، وبالتالي يمكن أن تبنى عليها بحوث ودراسات نمثل فيها ثقافتنا العربية والإسلامية. ولذلك كما ذكرتم دكتور نبهان التعاون والتكامل والتنسيق هي حلقات متصلة مع بعضها. ربما في قمة الهرم هو التكامل بين مؤسسات المعرفة العربية سواء كان على المستوى الوطني أو على المستوى الإقليمي أو على المستوى العربي وبعد ذلك يمكن ان نطلق إلى المستوى العالمي.

-وعلق الدكتور نبهان بقوله: “الحقيقة ما يشار إليه هو نجاحكم في ترسيخ هذا التعاون والتشارك على مستوى الوطن العربي والمكتبات العربية ونحن نتابع بشكل مستمر إحصائيات المواد التي تدخل في قاعدة بيانات الفهرس وهي متصاعدة باستمرار وتشهد قفزات عالية دلالة على نجاح هذا التعاون”.   

في الوقت الذي نتحدث فيه عن الدور الثقافي لهذا المشروع المعرفي، يعد توحيد الفهرسة العربية أحد أبرز الأهداف التي حققها الفهرس العربي الموحد، كيف تقارن بين وضع الكتاب العربي في الفهارس العالمية قبل وبعد نشأة الفهرس العربي؟ وما الدور الذي لعبه في تسهيل الوصول الى المعرفة؟

الفارق كبير على مستويات مختلفة كان الباحث يعاني صعوبات جمة في الوصول للمعلومات ومعرفة هل الموضوع سجل بالجامعات أم لا والبحث عن الكتب والدراسات وهذا يمثل صعوبة على مستوى الباحث الذي قد يضطر أن يسافر إلى مضان المعرفة سواء كان في العالم العربي أو حتى خارجه، فمثلا للحصول على المخطوطات يضطر أن يسافر الباحث إلى تركيا وأوروبا وعواصم الدول العربية للحصول على مخطوطة معينة والتعرف على ما هو موجود في تلك المكتبات.

أما على مستوى المكتبات فكانت هناك صعوبة في فهرسة الكتب العربية، كل مكتبة لها ممارسات مختلفة بل حتى على مستوى المكتبة الواحدة. فوجدنا أن الممارسات تتفاوت في التنظيم وفي الفهرسة والتصنيف باختلاف المفهرسين وجودتهم وتأهيلهم وباختلاف الأجيال التي تمر على المكتبة؛ وبالتالي يصعب الوصول إلى كنوز المعرفة. هذا على مستوى مكتبة واحدة فما هو الحال على مستوى المكتبات في المدينة أو على مستوى الدولة؟ ولو أخذناها على مستوى العالم العربي كان هناك إشكاليات كبيرة في عمليات فهرسة الكتاب العربي سواء على مستوى المعايير أو على مستوى الممارسات الأفضل أو حتى على مستوى الوقت من شراء الكتاب إلى وصوله إلى الرف بالمكتبة. وكثير من المكتبات كانت تعاني من تخزين الكتب التي تم شراؤها، فبعضها يظل سنوات حتى يصل إلى الرفوف بسبب عدم وجود الكوادر البشرية المؤهلة في المكتبة لفهرسة الكتاب وإيصاله وترتيبه، وأيضا بسبب صعوبات في توحيد أو تنظيم الفهرسة على مستوى المعايير الدولية، وكذلك على مستوى التكلفة فتكلفة فهرسة الكتاب الواحد من 3-4 دولارات حسب الوقت المستغرق في فهرسة الكتاب، فوجدنا أن الكتاب وإيصاله الى الرف مكلف. والآن الفهرس العربي الموحد سهل هذه العملية فتنزيل التسجيلة الببليوغرافية وما يرتبط بها من تسجيلات استنادية يتم بضغطة زر وبالتالي يتم تحميلها على النظام المحلي مع الالتزام بالمعايير الدولية وعلى مستوى أعلى أيضا تطوير التسجيلات الببليوجرافية ومواكبة التطورات الدولية في مجال تنظيم المعلومات.

فكما تعرفون جميعا كمتخصصين، ظهرت قواعد RDA ومكتباتنا بحاجة إلى أن تواكب هذه التطورات وتطور قواعدها الببليوغرافية وملفاتها الاستنادية بناء على قواعد الوصف الجديدة التي تتناسب مع البيئة الإلكترونية، في السابق كانت القواعد هي عبارة عن تطور للقواعد التي كان معمولا بها في الفهارس البطاقية، فلما دخلت التقنية عُمل تطوير لهذه القواعد ولكنها لا تزال مناسبة للبطاقات الورقية. في السنوات الأخيرة عملت مكتبة الكونجرس وجمعية المكتبات الأمريكية وبعض المؤسسات الأخرى على تطوير القواعد الجديدة لتكون متناسبة مع البيئة الإلكترونية وصدرت قواعد الوصف الجديدة RDA، وبالتالي الفهرس عمل الفهرس على تطوير جميع التسجيلات الببليوجرافية وجميع التسجيلات الاستنادية بما يتوافق مع هذه القواعد الجديدة، وأصبحت التسجيلات متاحة للمكتبات العربية لتنزيلها على قواعدها المحلية، وهذا طبعا فيه توفير للوقت والجهد .

كما تعلم الحضارة الإسلامية في مختلف أزمنتها وعصورها خلفت ثروة هائلة من المخطوطات والكتب معظمها بالحرف العربي وهي نادرة أو متواجدة في مناطق وأقطار بعيدة عن الوطن العربي، كيف تعامل الفهرس العربي مع هذا الانتشار والتشتت، وهل من أمثلة على الجهود التي بذلتموها لجمع تسجيلات لكتب عربية خارج الدول العربية.

نحن نتعاون ونتكامل مع المكتبات والوطنية والأكاديمية وجميع أنواع المكتبات على مستوى العالم العربي وخارجه، وهناك كنوز للمعرفة العربية نحتاج أن نخدمها بشكل جيد وأن نبرزها ونظهر ما فيها من معارف خدمت البشرية وكانت أساس التطور الحضاري في الوقت الراهن. فعلى مستوى الكتاب المخطوط هناك حاجة كبيرة جدًا إلى رصد المخطوطات التي يقدرها بعض المتخصصين بثلاثة ملايين مخطوطة فريدة، ونحتاج إلى عمل جبار في هذا الجانب سواء كان المستوى الببليوجرافي أو حتى على مستوى الرقمنة لإتاحتها. وعلى مستوى الكتاب العربي أيضا نحتاج إلى جهود كبيرة جدًا في التعاون والتكامل وإتاحة النصوص الكاملة لهذه الأوعية وينطبق ذلك على الرسائل الجامعية والدوريات وكذلك على مستوى المطبوعات الحكومية وعلى مستوى المصادر والموارد الإلكترونية بكافة أشكالها. فالمشروع والمهمة التي أمامنا نحن العرب كبيرة جدًا ولا يمكن إنجازها إلا من خلال التعاون والتكاتف والتكامل ووضع أيدينا بأيدي بعض لننجز مشروعنا الثقافي العربي، ونحن أيضا مقبلون على تطورات تقنية كبيرة ونحتاج إلى مواكبتها ويمكن أن نتحدث عنها لاحقا؛ لكن نحن أيضا بالإضافة إلى المستوى الببليوجرافي والاستنادي أنشأنا المكتبة الرقمية العربية لتكون بوابة للمكتبات والمستودعات الرقمية العربية في العالم العربي بحيث يستطيع الباحث من خلال محرك بحث واحد الوصول إلى جميع الإنتاج الفكري العربي المرقمن. ورقمنة الإنتاج الفكري العربي قضية أخرى نحتاج إلى التحدث عنها وربما نقيم مؤتمرات حتى نصل إلى المستوى الذي يتيح للباحث بضغطة زر الوصول إلى محتوى الكتاب وليس فقط عنوانه.

-نتحدث أيضا عن مواكبة التطورات الحاصلة في فهرسة الكتب والمصادر.

تملكون أكبر قاعدة بيانات عربية للكتاب العربي كيف تعاملتم مع التحديث المستمر والتغييرات المستمرة وأنت كنتم روادها في الوطن العربي وكيف استطعتم مواكبة التطورات المتلاحقة مع ما تستلزم من تغييرات تقنية وتحديث الحقول والمعالجة الببليوغرافية؟

منذ البداية قررنا بشكل جازم أن نتبنى المعايير الدولية في مجال تنظيم المعلومات، وهذه القضية مهمة جدًا، وأقصد لو تبنينا معايير محلية أو على مستوى مكتبة الملك عبدالعزيز أو حتى على مستوى المملكة فلن تجد منتجات الفهرس العربي الموحد القبول على المستوى العربي والعالمي، فنحن تبنينا المعاير الدولية منذ البداية مثل قواعد الفهرس الأنجلو الأمريكية وتسجيلة مارك لتخزين البيانات الببليوجرافية والاستنادية وهي أيضًا صيغة لتبادل المعلومات بين الأنظمة، وهذا كان أحد عناصر النجاح، والعنصر الثاني للنجاح هو جودة المنتج وجودة الخدمات. فمنذ البداية كانت الجودة خطا أحمر وضعنا المعايير الصارمة لضمان جودة منتجات الفهرس العربي وجودة الخدمات التي نقدمها من خلال منصة الفهرس، وهذا طبعا كان له دور في قبول التسجيلات الببليوجرافية ولاستنادية التي نعتمدها في قاعدة الفهرس الببليوجرافية وفي ملفات الفهرس الاستنادية الإلكترونية، وهذا عمل كبير، فإن كنا نعاني منه على مستوى المكتبة فما بالك إذا كنا نريد أن نضم الإنتاج الفكري العربي كله في قاعدة واحدة. وقد بدأنا بالإنتاج الفكري العربي باللغة العربية وبعد ذلك فتحنا المجال للغات الأخرى، والآن المجال مفتوح لفهرسة جميع أشكال أوعية المعلومات ذات العلاقة بثقافتنا العربية ومكتباتنا العربية وبجميع اللغات كما أسلفت.  

وفي تعليق للدكتور نبهان الحراصي أشار إلى أن الفهرس العربي اليوم عبارة عن منظومة ثقافية متكاملة، فالأمر لم يقتصر فقط على قاعدة للكتاب العربي تسهل الوصول إليه وإنما منظومة متكاملة. فعندما أقول منظومة فنحن نشهد اليوم استراتيجية واضحة لتأهيل القيادات في الوطن العربي في مجال الفهرسة وطبعا أشير لهذه الخدمة الجليلة كونه أيضا عندما كنت مديرا لمكتبة جامعة السلطان قابوس كنت أحد المستفيدين من هذا المشروع، ومركز الفهرس العربي قدم كل الدعم لتقديم ورش علمية وتأهيل كفاءات عربية في مجال الفهرسة. فنحتاج إلى أن نتحدث عن الجوانب الأخرى التي دخلت ضمن مهام هذا المركز كالتدريب والنشاط الثقافي البارز الذي كنا سعيدين بأن نستفيد من عدد كبير من الندوات التي قدمت خلال فترة سنتين في برنامج متواصل قدمه المركز للمثقف العربي بشكل عام.

مشروع الفهرس العربي الموحد انطلق بكم إلى مجالات تتعلق بخدمة المكتبة العربية… وتقديم خدمات للباحثين… وكذلك التدريب والتأهيل… حدثنا عن هذه المبادرات واتساعها وتأثيرها.  

التدريب مهم جدًا، فلقد بدأنا منذ بداية انطلاقة الفهرس العربي الموحد في إبريل 2007م نشاط التدريب المباشر من المحيط إلى الخليج، دربنا أكثر من 6000 متدرب من المختصين في العالم العربي، وكان الهدف من التدريب هو رفع كفاءة المختصين العرب  لمواكبة التطورات الدولية، فلا يمكن تطوير العمل الفني في المكتبات العربية دون أن يكون هناك تطوير للكوادر البشرية التي تعمل في هذه المكتبات وفق المعايير الدولية؛ ولذلك عقدنا أكثر من 400 دورة تدريبية خلال السنوات المنصرمة، معظمها تدريب مباشر تقريبا في معظم عواصم الدول العربية وهذه الدورات قدمت مجانًا وأدت إلى نشر فكر تنظيم المعلومات الجديد وفق الممارسات الجديدة وأيضا توحيد الممارسات؛ لأن القواعد أيضا تحتاج إلى تقنين بعض الممارسات لأن بعضها فيها مجال للتباين ولذلك نحتاج أن نقنن هذه الممارسات ونوحدها على مستوى العالم العربي، ولذلك الفهرس العربي الموحد قدم الكثير من الدورات التدريبية في مختلف أوجه تنظيم المعلومات.

وعندما أتت مشكلة كورونا وأجبرنا على المكوث في المنازل وبالرغم من المصاعب لكن الحمد لله ربما كان هناك جوانب إيجابية في هذه المحنة العالمية، فقررنا أن نقوم بعملية تطوير مبادرات كثيرة، أولها تطوير التدريب، وأنشأنا أكاديمية الفهرس العربي الموحد، ووظفنا منصة تعليم إلكترونية في مجال التدريب، وطورنا محتوى الدورات التدريبية لأننا نعرف الإمكانيات المتاحة على مستوى المنصات التعليمية الجامعية والأكاديمية وقدمنا دورات تدريبية من خلال هذه المنصة ولاقت نجاح كبير واستطعنا أن نصل إلى المتدربين والمتدربات في كل مكان وفي أي وقت، مما سهل علينا عملية التدريب. وأيضا قررنا نفتح المجال في موضوعات أخرى غير تنظيم المعلومات وإن شاء الله سترى النور قريبا مجالات أخرى ذات علاقة بالمعلومات والمعرفة ومؤسسات المعلومات وحتى في البحث العلمي وغيرها من المجالات ذات الأهمية والتي تعمل على تطوير الإنتاج المعرفي والدراسات والرسائل وأيضا تطور العمل في مكتباتنا العربية.

هذا طبعا جانب والجانب الآخر هو الثقافي أيضا طورنا البرنامج المعرفي. فقد كان لنا مشاركات على مستوى المختصين في المعلومات سابقًا ولكن قلنا لماذا لا نتوسع أكثر ونقدم برنامجًا معرفيًا يتناول القضايا العلمية والثقافية والمعرفية والمكتبية ذات العلاقة بالمكتبات والفكر والثقافة العامة العربية، وبحضوركم أنتم أيها الإخوة والأخوات من كافة أقطار العالم العربي نجحنا في تقديم برامج متميزة وحازت على استحسان الجميع، وهذا كله بفضل الله ثم بدعمكم ومساندتكم وحضوركم وأيضا مطالبتكم بالاستمرار. والعمل في هذا البرنامج ليس سهلاً، ولكن الحمد لله نحن ملتزمون في تقديم الجديد والقادم أحلى بإذن الله. 

-وكان تعليق الدكتور نبهان أن المشروع الثقافي إن كان متميزا فليس فقط من ناحية التنظيم الكبير أيضا هو متميز من ناحية الموضوعات التي تطرقتم إليها وكانت تمس الحاجة المعرفية للمثقف العربي

حدثنا عن التوجهات المستقبلية للفهرس العربي الموحد؟ وكيف تنظرون من خلال مركز الفهرس للمستقبل وماهي المجالات التي يمكن أن يتطرق اليها؟

أيضا هذا كان له علاقة بالفهرس وإعادة النظر بدوره المعرفي والثقافي سواء على مستوى الدول العربية أو حتى على المستوى العالمي فقررنا أن يكون شعار الفهرس في هذه المرحلة “منصة الخدمات المعرفية العربية” خادمً للثقافة العربية. وانطلقنا من هذا الشعار لمبادرات عديدة طرحناها. والتقنية كان لها دور كبير جدًا في دفعنا إلى التطوير المستمر، لأنه لا نستطيع أن نقف عند حد معين حتى لو حققنا النجاح؛ فلا يكفي أن نقف وننتظر حتى يفوتنا القطار، وبالتالي نحن ننتظر تطورات تقنية كبيرة جدًا، على سبيل المثال بالنسبة لصيغة الإطار الببليوغرافي وهو ما يسمى (BIBFRAME) الآن يختبر عالميًا ونحن أيضًا نراجع التطورات في هذا المجال ونعمل ونعد العدة لتطبيق صيغة (BIBFRAME) عندما يتم تطبيقها بشكل رسمي في المكتبات العالمية حتى لا نتخلف عنهم ونكون متأخرين. وكما أسلفت اليوم لابد أن يكون هناك تكامل على مستوى العالمي وليس العربي فقط ولا بد أن نخدم ثقافتنا العربية ونجهزها للمرحلة القادمة، وهي مرحلة فيها الكثير من التطورات التقنية التي تساعدنا في إيصال إنتاجنا الفكري ومعرفتنا على الصعيد العالمي. ويمكن أن أشير مثلاً  إلى تطبيقات البيانات المترابطة وتأهيل التسجيلات الببليوجرافية والاستنادية لعصر البيانات المترابطة التي هي جزء من الذكاء الاصطناعي الذي سيفتح لنا مجالات عديدة تسهل علينا الوصول إلى المعلومة وليس الوعاء وحده، فبالتالي نحن نعد العدة لهذا الأمر.

أيضا هناك مبادرة أطلقناها وتأخرنا في التوسيع في تنفيذها بسبب ظروف كورونا والحجر ومنع السفر … الخ وهي “الانفتاح على مؤسسات المعرفة الأخرى”، وأقصد بها دور الأرشيف والمتاحف. هذه المؤسسات فيها الكثير من كنوز المعرفة التي يحتاجها الباحثون في المجالات الثقافية والحضارية والتاريخية، وقد يكون لها تنظيم خاص لكنها منعزلة كل كيان مستقل بذاته، فنحن أطلقنا مبادرة بحيث يكون هناك تكامل بين الفهرس العربي الموحد وبين هذه المؤسسات ليستطيع الباحث من خلال ضغطة زر الوصول إلى جميع مصادر المعرفة التي يحتاجها.

أيضا لدينا “مبادرة الوصول الحر”، وهي من المبادرات التي يهتم بها العالم أجمع وليس فقط العالم العربي والهدف منها إيصال الباحثين إلى مصادر المعرفة بكل سهولة ويسر، لأن أحد مشكلات الباحثين هو صعوبة الوصول إلى المعلومات، وهناك دراسات تقول أن أحد أسباب رفض الدراسات العلمية التي تقدم للمجلات العالمية هو تقادم المصادر التي يرجع إليها الباحث؛ ولذلك نحتاج أن نسهل وصول الباحثين من خلال توفير مبادرة الوصول الحر التي يمكن أن يتعاون فيها الفهرس العربي الموحد مع المؤسسات الأكاديمية والجامعات في العالم العربي وأيضا مؤسسات البحث العلمي حتى يمكن تسهيل الوصول إلى البحوث العلمية، وبالتالي نحن بلورنا فكرة المكتبة الرقمية البحثية، وطبعا فيها مستويات تلائم كافة الاحتياجات للمؤسسات الأكاديمية العربية، وقد تباشرنا كثيرًا بقرب زوال آثار كوفيد 19، وإن شاء الله خلال عام 2022م ننطلق في هذه المبادرات ونسعى إلى أن يكون الفهرس العربي الموحد فعلا هو فهرس الثقافة العربية وفهرس العرب من المحيط حتى الخليج.

-وفي تعليق من الدكتور نبهان على إجابة الدكتور صالح قال: “بإذن الله وحتى عندما أشرت في مداخلتي بالإدارة الاحترافية لهذا المشروع الحقيقة هذا ماكنت أقصده وأشير إليه، وهذا ما تفضلت به في إجابتك على السؤال السابق أن الفهرس العربي يمضي بخطى ثابتة ويعلم التوجهات المستقبلية ويخطط لها وانعكس هذا التحديث والتغيير وتوافقكم الدائم مع المتغيرات والتطورات، هذا أيضا ساهم بشكل كبير أن تكون المكتبة العربية متوافقة مع التطورات الفنية والمعرفية المختلفة”.   

مثل هذه المشاريع الكبير تكتنفها تحديات، ماهي التحديات التي واجهتكم وأنتم تنشؤون وتستمرون في إدارة هذا المشروع المعرفي لفترة طويلة؟

أي مشروع لابد أن يواجه تحديات بشرية وتنظيمية، لكن مع الإصرار والعمل استطعنا تجاوز هذه المشكلات. كان هناك شراكة بين مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ممثلة في  الفهرس العربي الموحد والقطاع الخاص من خلال شركة نسيج وكان لها دور كبير أيضا في نجاح العمل والإنجاز الذي يتحقق في وقته وربما أكثر مما نحن نتوقع، وأتذكر أحد الزملاء قال في أحد المؤتمرات العربية “أن الفهرس يحقق أكثر مما يعد”، وهذا بفضل الله ثم بتعاون المكتبات الأعضاء و من هذا المنبر أو أن أشيد بالمكتبات الأعضاء والمكتبيين والمكتبيات المختصين في العالم العربي في تعاونهم مع الفهرس والتكامل معه، وحتى كثير من الحلول والتطوير الذي عملناه في الفهرس كان نتيجة لمقترحات وآراء تقدموا بها إلينا سواء من خلال اللقاءات التي يعقدها الفهرس أو من خلال الوسائل الأخرى حيث تأتينا توصيات ومقترحات ونقد أيضا، وهذا كان دافعًا لنا في عملية التطوير المستمر للفهرس العربي الموحد وأكرر “الفهرس العربي الموحد هو فهرس عربي منكم وإليكم”.

-واختتم الحوار بتلقي مجموعة من المداخلات والاستفسارات من الحضور أجاب عنها ضيف الندوة الدكتور صالح المسند، وعبر عن شكره لمتابعي ندوات البرنامج المعرفي وما يقدمونه من إثراء وطرح مفيد عبر تفاعلهم ومشاركتهم.

 

 

 

تم انتهاء الفترة المسموحة بالتعليق