التسجيلة
العدد الثاني 01/22/2023
مجلة رقمية دورية تصدر عن الفهرس العربي الموحد
تاريخ النشر : 22 أغسطس، 2022
تقرير الحالة الثقافية 2021م يرصد الحضور الثقافي لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة

تعمل مكتبة الملك عبد العزيز العامة منذ تأسيسها عام 1985م لتكون ذات أثر ملموس في الحالة الثقافية المحلية والعربية والعالمية من خلال وضع أهدافها التي تقوم على مرتكزات استراتيجية تتمثل في نشر الثقافة، وصناعة المعرفة، والتواصل الحضاري، وحفظ التراث؛ لتحقيق رسالتها المتضمنة العناية بالقراءة والتمكين المعرفي للمجتمع وتحقيق القدرة على التفاعل مع الحضارات العالمية ونشر ثقافة الابداع والابتكار بين أفراد المجتمع. وباتت اهتمامات المكتبة برفع مؤشرات تقيس الحالة الثقافية للمملكة واضحة، وانعكس ذلك من خلال تقرير “الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2021م” الذي أصدرته وزارة الثقافة بنسخته الثالثة تحت عنوان “الثقافة في الفضاء العام” وأتاحته للعامة ولجميع المهتمين من خلال موقعها الرسمي بوصفه منتجًا معرفيًا يرصد الحراك الثقافي للمملكة العربية السعودية، وتهدف من خلاله إلى إيجاد أساس معرفي يستند إلى تقارير وأبحاث ودراسات معتمدة. وقد شكل التقرير أهمية كبيرة للقطاع الثقافي عامة، ولمكتبة الملك عبد العزيز العامة خاصة من حيث العناصر التي وردت فيه. ومن بينها:

  • إشارة سمو وزير الثقافة في كلمته التي افتتح بها التقرير إلى سعي الوزارة من خلال هذا لتقرير “لتقديم شواهد تؤكد بمنهجية علمية أن جهود السنوات الأربـع الماضية بـدأت تتبلور وتتضح معالمها، وأن مـا نشاهده مـن مـبـادرات حكومية متنوعة وتشريعات وأنظمة استحدثت بدأت فعلا بتحويل القطاع إلى بيئة خصبة للإبداع والتنمية مما ساهم في بزوغ مواهب وطنية متميزة في مختلف قطاعات الثقافة معززة بحراك استثماري ملحوظ”.
  • أهمية الجهود المبذولة لاستكمال بناء أرضية بيانات صلبة للسياسات الثقافية.
  • توفر المعلومات هو ما يضيء الطريق للمضي قدماً في استدراك العثرات، واستكمال النقص، ومواجهة التحديات، وتعزيز آثار النجاحات، ويسهم التقرير في توفير جزء من هذه المعلومات.
  • أحد أهم غايات التقرير هو استحثاث الجهود الأهلية والرسمية لدعم المسيرة الثقافية، سواء فيما يتعلق بجانب السياسات والتمكين، أو في مراجعة وتوثيق وإبراز التجربة الثقافية الطموحة.

وحينما ننظر للتقرير بأبعاده الخمسة المتمثلة في الإدارة والصون، والإبداع والإنتاج، والمشاركة الثقافية، والمعارف والمهارات، والاقتصاد الإبداعي والتي تناولها التقرير في عدة فصول وتشتمل على مجموعة من المؤشرات التي تقيس حالة ومظاهر المجال الثقافي وحضور القطاعات الثقافية المختلفة فيه؛ ثم نجده يرصد جانبًا من حضور المكتبة وإنجازاتها ويلامس كل جزء وضعته ضمن خططها واستراتيجيتها، وقد كان للمكتبة بصمة في كثير من الجوانب المرتبطة بالتقرير؛ فهذا بلا شك يبعث على الفخر والاعتزاز ويحفز على بذل مزيد من الجهود.

فقد أوضح التقرير في البعد المتعلق بالإدارة والصون إن نسبة رقمنة المخطوطات الأصلية في بعض المكتبات تمثل أحد العناصر التي تعكس الحالة الثقافية في ممارسات التنمية المستدامة للمحافظة على موارد التراث، ويعمل موقع هيئة المكتبات الإلكتروني بالتعاون مع عدد من المكتبات في المملكة على رقمنة المخطوطات الأصلية لديها بهدف إنشاء منصة موحدة لحفظ المخطوطات. وقد حققت مكتبة الملك عبد العزيز العامة نسبة 83%في مجال رقمنة المخطوطات وإتاحتها. وتضمن تقرير الحالة الثقافية نماذج لمقتنيات بعض المكتبات ومن بينها مقتنيات مكتبة الملك عبد العزيز العامة التي وصلت 1,688,255 كتابًا، ويمثل ذلك إشادة بما تملكه وتقدمه المكتبة في المجالات الثقافية التي حظيت بعناية وتركيز التقرير.

كما استعرض التقرير أشكالاً مختلفة من أشكال الحضور الثقافي في المساحات العامة والمفتوحة ومظاهر ممارسة الأنشطة الثقافية في الفضاء العام، وقد تناول المشاركة الثقافية لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة ليؤكد دورها في الاندماج الاجتماعي من خلال إطلاق مشروع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لمصادر التعلم المتنقلة في حدائق الرياض الذي يستهدف تنمية ارتباط الطفل بالقراءة والثقافة وتعزيز الحضور الثقافي في الحدائق والمساحات العامة وبعد توقفها خلال الجائحة استأنفت جولاتها في ست حدائق عامة في الرياض بإجمالي 90 جولة شهدت إقبالاً واعدًا حيث بلغ عدد الزيارات 39,512، كما شاركت حافلات المكتبة المتنقلة بما تحتويه من مصادر تصل إلى 4000 كتاب في خمس جولات خلال العام ومنها المشاركة في مخيم الهوايات في مدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية وفي ساحة الكندي في حي السفارات وغيرها.

وبين التقرير أن المكتبات لم تعد مجرد جهات ثقافية وعلمية لحفظ مصادر المعرفة وتوفير المواد والمراجع المعرفية لمرتاديها، بل امتد دورها عبر تفعيل المشاركة المجتمعية من خلال إقامة الفعاليات والأمسيات الأدبية والجلسات الحوارية وتفعيل الأيام العالمية بالإضافة إلى الندوات والملتقيات وورش العمل والدورات التدريبية والمسابقات. وتعد المركزية في توزيع المكتبات وضعف التطوير الرقمي للمكتبات من التحديات التي أشار لها المختصون والخبراء، ولكن استطاعت مكتبة الملك عبد العزيز التغلب على هذه التحديات من خلال المكتبات المتنقلة بالإضافة إلى توسع دورها وتقديم البرامج والمعارض والأنشطة الثقافية لجذب الزوار والمستفيدين. وأشار تقرير الحالة الثقافية إلى أن عدد زوار المكتبة بالرياض بلغ 23,266 مع الأخذ بالاعتبار تأثر هذا الحضور بواقع ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد – 19″، وفي إطار الأنشطة المقامة للأطفال في المكتبات العامة قدمت المكتبة أنشطة وبرامج خاصة بالأطفال بلغ عددها الإجمالي ما يقارب 73 خلال 2021م وبلغ عدد الحضور 212 طفل.

وعن واقع خدمة اللغة العربية كوعاء حاضن للثقافة وجزء أصيل من الهوية الثقافية كان للمكتبة دور بارز في إقامة ندوة افتراضية تحت عنوان “اللغة العربية واستخدامات الذكاء الاصطناعي” نظمتها بالتعاون مع مركز التميز البحثي في اللغة العربية بجامعة الملك عبد العزيز وأدرجت ضمن نماذج المؤتمرات والندوات العلمية المتخصصة في اللغة العربية التي أقيمت عام 2021 وأشار لها التقرير.

وتطرق التقرير في مجال الإصدارات التوثيقية إلى إعلان هيئة الأدب والنشر والترجمة في نهاية العام عن مشروع تطوير موسوعة المملكة بالتعاون مع مكتبة الملك عبد العزيز حيث ستعمل الهيئة على تطوير الموقع الإلكتروني للموسوعة وإنتاج ألفي نسخة مطبوعة منها بعد التحديث وتولد ذلك عن توقيع اتفاقية التعاون مع هيئة الأدب والنشر لتطوير الموسوعة.

وتؤمن إدارة المكتبة أن التعاون يشكل عاملًا أساسيًا في نجاح المشروعات الثقافية، وقد نال التعاون بين وزارة الثقافة ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة اهتمامًا كبيرًا بهدف تحقيق التكامل بين المنظمات الثقافية، وفتح المجال للمؤسسات الثقافية للإسهام في العمل الثقافي الشامل الذي يصب في سياق دعم وزارة الثقافة لنشاط المنظمات الثقافية غير الربحية وتوجيهات وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود بإتاحة المكتبات العامة والمراكز الثقافية ومقرات الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون لإقامة الفعاليات التابعة للمنظمات الجديدة. وتأكيدًا لأهمية هذا الدعم احتضنت المكتبة البرنامج التدريبي العالمي في التمثيل والإخراج المسرحي وتسعى المكتبة من خلال هذه الدورة التدريبية إلى المشاركة في صنع أجواء ملائمة لتقديم الأعمال المسرحية الوطنية الكلاسيكية والتجريبية ضمن الاستراتيجية الثقافية لتطوير الفنون والآداب والمعارف بمختلف أنواعها (مسرح، وتراث، وأزياء، وفنون بصرية)، واستجابة لمبادرة وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أن يكون عام 2021 عام الخط العربي بهدف إبراز جمالياته وفنونه أطلقت المكتبة “المعرض العالمي للخط العربي”.

وعندما تقاس مدى حيوية القطاع الثقافي غير الربحي في تعزيز الاندماج الاجتماعي لفئات المجتمع وتقديم صورة حول توفر الفرص التطوعية في الأنشطة الثقافية وسهولة الوصول لها وتمكين فئات المجتمع من المشاركة الاجتماعية التي ورد ذكرها في تقرير الحالة الثقافية نجد أن عدد المتطوعين في المكتبة وصل (626) وإجمالي ساعات التطوع بلغ (3723) خلال عام 2021م.

وتميز تقرير الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية2021م الذي صدر بعنوان “الثقافة في الفضاء العام” باستعراض بيانات تدعم الارتباط الوثيق بين ارتياد المساحات العامة والاتصال بالثقافة على مستوى الفرد، وتعزز حضور الثقافة في الفضاءات العامة، وتقدم وصفًا لتوزيع بناها التحتية؛ مما يؤكد أهمية الحرص في إعداد التقارير ودقتها وشموليتها لإمداد الوزارة بالبيانات التي تمثل إحدى مصادر تقرير الحالة الثقافية، وهذا بدوره ينعكس على العاملين في المؤسسات الثقافية عندما يشار لإنجازاتهم ويتضح دورهم في الحالة الثقافية لوطنهم عبر تقرير أصدرته وزارة الثقافة. وبالرغم من الحالة الثقافية باعتبارها واقعاً جديداً يواجه فرصًا وتحدياتٍ خاصة أكد التقرير في خاتمته أهمية النظر لها، مشيرا لأبرز ملامح هذا الواقع ألا وهو بروز الخيار الرقمي الموازي بتكاليفه المنخفضة والتعليم والتدريب الافتراضي بميزاته وحدوده.

 ولاتزال مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مستمرة في السعي لرفع المستوى التنظيمي، والاحترافية في جميع أعمالها لتحفيز التفاعل الثقافي مع كافة فئات المجتمع، وتأمل أن يعكس تقرير وزارة الثقافة 2022م تجليات ثقافية أعمق ومشاركات أكبر للمكتبة، وأينما اتجه موضوع التقرير سيكون لدى المكتبة ما يستحق الظهور بتعدد مشاريعها وشمولها وأنشطتها ومقتنياتها وعلاقاتها لاسيما أن العام 2021م جاء بعد التعافي من جائحة كورونا، بينما تعيش المكتبة الآن نقلة ثقافية في ظل الإقبال على الثقافة إلى مستويات أعلى، وتتجه نحو التحول الرقمي والتطوير المستمر لخدماتها وأنشطتها في جميع الفروع، ويبرز ذلك من خلال عدد من الإنجازات التي تحققت بفضل الله ثم بفضل الإدارة الحكيمة للمكتبة حيث تم تدشين المركز الخاص بترميم المخطوطات والوثائق والصور والكتب النادرة والخرائط والمجلات والصحف، وأقيم معرض مختص في المسكوكات الإسلامية النادرة والمتميزة عبر العصور من مقتنيات المكتبة، ومعرض للمصاحف النادرة، وأصدرت مجلة التسجيلة بصيغة رقمية بعد أن كانت تصدر مطبوعة (ورقية) وهي مجلة متخصصة في قطاع المعلومات والمكتبات والمؤسسات الثقافية وتصدر عن الفهرس العربي الموحد التابع لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وأقيم معرض الخط العربي الذي نظمته المكتبة بالشراكة مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” بالعاصمة التونسية وذلك خلال انعقاد اجتماع المؤتمر العام 26. وفي نطاق التعليم والتدريب وتأهيل المتخصصين في المجال الثقافي تأتي أكاديمية الفهرس العربي الموحد بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة لتعنى بتطوير المهارات المهنية اللازمة وبناء القدرات للعاملين قطاع المكتبات والمعلومات، كما تقدم دورات تدريبية متخصصة وفق أحدث أساليب التدريب والتعليم، وتسعى لنشر وتطوير ثقافة العناية بتنظيم المعرفة وفق المعايير الدولية، و رفع مستوى الوعي بتطبيقات تقنيات المعلومات في مجال تنظيم المعرفة وإتاحتها، ومواكبة المستجدات على المستوى النظري والتطبيقي في مجال المكتبات والمعلومات، ونقل المعرفة والتعاون وتبادل الخبرات في مجال التدريب المتخصص مع الجهات أو المنظمات المتميزة المحلية والدولية، كما تقوم الأكاديمية بتزويد المؤسسات والمراكز بالخدمات الاستشارية، والدراسات التطويرية، للتدريب في مجال المعلومات وإدارتها.

تم انتهاء الفترة المسموحة بالتعليق