التسجيلة
العدد الثاني 01/22/2023
مجلة رقمية دورية تصدر عن الفهرس العربي الموحد

توجيهات وإرشادات لتطوير نموذج نضج للمنظمات العربية

خبير وإستشاري في مجال خدمات المكتبات والمعلومات وإدارة المعرفه والأرشيف
الكاتب : د. محمود مسروة
خبير وإستشاري في مجال خدمات المكتبات والمعلومات وإدارة المعرفه والأرشيف
تاريخ النشر : 4 يناير، 2022
نماذج نضج مبادرات ومشاريع إدارة المعرفة

تعتبر الكثير من المنظمات أن المعرفة عنصر أساسي في تحسين الأداء وركيزة تنافسية في بيئة شديدة التغيير والتعقيد، الأمر الذي دفعها إلى الاستثمار في مشاريع إدارة المعرفة. وبيانات الاستثمار المنشورة في هذا الصدد خير دليل على ذلك. ومن جانب آخر فإن تنفيذ مشاريع إدارة المعرفة أمر غاية في التعقيد والصعوبة مما يتطلب وجود مبادئ توجيهية إرشادية وآليات عملية وأدوات تساعد في فهم الواقع وقياس الأداء. وفي هذا الصدد تعتبر نماذج مستوى نضج مبادرات إدارة المعرفة (KMMM) أحد أهم الأدوات والآليات المستخدمة لقياس مستويات الأداء ومعرفة مدى نضج الممارسات في هذه المشاريع والمبادرات.

يقوم مفهوم نماذج مستوى نضج إدارة المعرفة على نظرية دورة الحياة، الواسعة الانتشار في مجالات معرفية متعددة، والتي تقدم تصور دقيق لفهم التطور المستمر للكائنات الحية عبر سلسلة من المستويات ضمن إطار زمني محدد، حيث ينتقل الكيان من نقطة انطلاق معينة إلى مرحلة لاحقة يتم تهيئتها مسبقًا في الحالة الحالية. وقد عكست هذه التصورات على مشاريع إدارة المعرفة والتي بدورها تتطور في سلسلة تراكمية مرتبطة من المستويات تنطلق من أدنى مستوى إلى أعلاها بما يساعد في معرفة مستوى نضج إدارة المعرفة بشكل دقيق.

وقد اعتمدت نظرية دورة الحياة باعتبار أن النضج والنمو جزء أصيل من النظرية الذي لا يرتبط فقط بالكائنات الحية، وإنما يستعير النمو العضوي لتفسير التطور التنظيمي كذلك. فعادة ما يربط النضج بالنمو كارتباط الهدف (النضج) بالوسيلة (النمو)، كون أن النضج، كما يُنظر إليه في علم النفس، هي استجابة واعية للبيئة بطريقة مناسبة، وبالتالي ما يجعله مرتبط بالتعلم. فمستوى نضج إدارة المعرفة يحدث ضمن سلسلة زمنية تستغرق من 3 – 5 سنوات، تمكن خلالها المنظمة من تأسيس بنية متكاملة وثابتة لإدارة المعرفة.

ونظرة فاحصة في تنفيذ مشاريع إدارة المعرفة في المنطقة العربية يجد قصوراً في فهم الآليات والأدوات المرتبطة بتنفيذ هذه المشاريع – على غرار نماذج مستوى النضج – دون اعتبار لعوامل البيئة المحلية كونها انعكاس لسياقات ثقافية وتنظيمية غريبة عن سياق المنظمات العربية. وبناء على ذلك جاءت هذه الوثيقة لتثير هذه الإشكالية في محاولة لإحاطة المهتمين ومديري المشاريع بالأدوات المتوفرة في هذا المجال وهدف كل منها، إلى جانب تقديم بعض التوجيهات والإرشادات التي من المؤمل أن تساعد في الاستفادة من تلك الأدوات وفق سياق عناصر البيئة المحلية.

 

الغايات الأساسية من تقييم وقياس نضخ مبادرات إدارة المعرفة

هناك عدة أسباب وراء لجوء المنظمات إلى تقييم مبادرات إدارة المعرفة أهمها التخطيط والمراقبة وتعقب التطوير وإجراء المقارنات المرجعية، ويمكن إيجاز هذه الأهداف، حسب المركز الأمريكي للإنتاجية والجودة، كما يلي:

  • اعتماد معيار قياس مرجعي للواقع الفعلي: سواء قبل الشروع في إطلاق المشروع أو بعد انتهائه. ويمكن أن يكون القياس مصدر مهم لفهم واقع ممارسات إدارة المعرفة، وبالتالي الحصول على تقييم أولي يُعتمد كمعيار للقياس الحالي والتقدم المستقبلي، مما يجعل من السهل وضع توقعات وأهداف واقعية.
  • جمع البيانات/المعلومات: حيث تمكن تلك البيانات/المعلومات من إعطاء تصور دقيق حول تأثير وأداء مبادرة/برنامج إدارة المعرفة داخل المنظمة؛ فمجرد إتمام التقييم من شأنه أن يوفر تغذية راجعة قيّمة بناء على البيانات والمعلومات التي يتضمنها تقرير التقييم.
  • اعتماد استراتيجية عمل واضحة: تمكن البيانات التفصيلية التقييمية حول المبادرة أن تعكس واقعها الفعلي لمعرفة مدى تحقق الأهداف، والمشكلات التي تعيق تحقيقها، وتحديد جوانب القصور لإصلاحها، وجوانب القوة لدعمها. كما تفيد نتائج التقييم في توجيه التوجه الاستراتيجي للمبادرة، واستشعار معدل التغيير في قدرات إدارة المعرفة داخل المنظمة، وتحديد جداول زمنية واقعية للتقدم.
  • معيارية إدارة المعرفة: عادة ما تستخدم المنظمات نتائج التقييم التي يتم إعدادها من تحليل البيانات المجمعة في توجيه استراتيجيتها في مجال إدارة المعرفة، وإضفاء الطابع المعياري وتقنين إجراءات الحوكمة، والأدوات، والعمليات، والمقاربات والمنهجيات المعتمدة داخل المنظمة.
  • الإحاطة بالمنجزات وعرضها على المسؤولين: إن نموذج قياس مستوى النضج وسيلة فعالة لإحاطة المسؤولين والمعنيين بقيمة المشروع طلباً لاستمرار الدعم المادي والمعنوي. فالنتائج المستقاة من البيانات الفعلية للمبادرة من شأنها أن تقدم نظرة واضحة حول تطور قدرات وإمكانيات إدارة المعرفة داخل المنظمة عبر الزمن وتطورها من خلال إجراء مقارنات مرجعية مع المنظمات المثيلة. 

 

خصائص نموذج نضج المعرفة المثالي

هناك عدة متطلبات لكي يكون نموذج مستوى نضج إدارة المعرفة انعكاساً لتطور إدارة المعرفة داخل المنظمة وأداة للتعلم والتحسين المستمر، منها قابلية التطبيق وتوفره على إجراءات تقييم منضبطة لضمان شفافيته وموثوقيته. كما أنه من أجل الوصول إلى تقييم شامل لمبادرات إدارة المعرفة يجب أن يُنظر إلى نموذج مستوى نضج إدارة المعرفة وفق منظورات مختلفة مرتبطة بمكوناتها الأساسية المتمثلة في الأفراد، والعمليات والإجراءات، والتكنولوجيا بمفهومها الواسع.

 

نماذج نضج إدارة المعرفة

هناك العديد من المدارس الفكرية التي قدمت تصورات مختلقة، بعضها نظري وآخر عملي بحكم تطبيقاته في سياقات تنظيمية متعددة، حيث يوفر أدوات للتقييم مما يجعلها أكثر صلابة ودقة في التطبيق. وبتحليل هذه النماذج نجد أن معظمها يركز على المكونات الأساسية في إدارة المعرفة (الاستراتيجية، الأفراد، العمليات، التكنولوجيا) والتي تتفاعل فيما بينها لتحول المعلومات إلى معرفة وعمليات وهياكل تنتج سلعا وخدمات. ومعظم نماذج مستوى نضج إدارة المعرفة المعروفة تتوزع فيها مستويات النضج ضمن فئة  (4-8) مستويات أساسية، وتشترك في أنها تسلسلية تراكمية ترابطية، إلا أن كل نموذج يستخدم مصطلحات خاصة به بناء على افتراضات ومنطلقات وأهداف محددة.

ولتسهيل المقارنة بين مختلف النماذج فإنه عادة ما يتم تصنيفها إلى مجموعتين كبيرتين، اعتمادًا على ما إذا كانت وضعت على أساس نموذج نضج القدرات (CMM) أو لا، حيث تستخدم هذه الأخيرة في مجال تطوير وهندسة البرمجيات الحاسوبية وتعتبر الآن المعيار الصناعي الأول في ضبط الجودة في عملية تطوير البرمجيات. يقوم هذا النموذج على خمسة مستويات أساسية من النضج، ويتميز كل مستوى بمجموعة محددة من الخصائص يُحدد فيها مجالات العمليات الرئيسة (KPA)،  ترتبط بها مجموعة النشاطات والعمليات.

سنقتصر على تفصيل نموذج من كل مجموعة مع الإشارة إلى بعضها من قبيل المقارنة، حيث أن المتتبع لها يجد تشابها كبيراً فيما بينها. ولتفصيل أكثر حول هذه النماذج الرجوع إلى الأدبيات المنشورة في هذا الصدد. 

 

1.3. المجموعة الأولى: النماذج القائمة على نموذج نضج القدرة (CMM)

 

1.1.3. نموذج شركة سيمانس للاتصالات (Siemens’ KMMM)  

يساعد هذا النموذج في تحليل جميع المجالات الرئيسة ذات الصلة بإدارة المعرفة، مثل بيئة الشركات، والثقافة التنظيمية، والاستراتيجية، وغيرها من المجالات لتحديد وضع الشركة الحالي والاتجاهات المستقبلية التي ينبغي أن تتخذها. وتتوزع هذه المستويات وفق ما يلي:

  • المستوى الأولي: تكون إجراءات إدارة المعرفة مستقلة عن العمليات اليومية، كما لا يوجد هناك تحديد للقطاعات التي تمثل المعرفة الضمنية ومصادر خلق المعرفة داخل المنظمة. ويتسم هذا المستوى بضعف تأثير المعرفة على الأعمال الأساسية للمنظمة.
  • مستوى التكرار: يكون هناك اعتراف رسمي ببرنامج إدارة المعرفة ويستتبع هذا القرار تنفيذ عمليات إدارة المعرفة بشكل واعي ورسمي ومكرر، بحيث يتم اختبارها بشكل دوري ومستمر. كما أن هناك تسليم بقدرة إجراءات إدارة المعرفة أن تقدم شيئا في جانب الأعمال الأساسية للمنظمة.
  • مستوى تحديد أدوار إدارة المعرفة: يتم دعم عمليات إدارة المعرفة بالأنشطة الإدارية اليومية داخل المنظمة من خلال إيجاد أدوار ذات وصف وظيفي محدد ومقنن ورسمي لجوانب إدارة المعرفة على جميع المستويات الإدارية والتنظيمية.
  • مستوى إدارة المعرفة: نفس عمليات وإجراءات المرحلة السابقة ولكن بفارق أن تلك العمليات تتم بشكل مقنن ومعياري على جميع مستويات المنظمة. كما يتم قياس فعالية ممارسات إدارة المعرفة وتأثيرها على الأداء التنظيمي للمنظمة على المستويات المختلفة (الفردية والتنظيمية). إلى جانب إعداد إجراءات لتشارك المعرفة والتعاون بين مختلف الوحدات التنظيمية بالمنظمة وتكاملها ضمن إجراءات عملها مما يؤدي إلى التعاون الجماعي الذكي على المستوى التنظيمي.
  • المستوى الأمثل: يكون في هذا المستوى التحكم الجيد في ممارسات إدارة المعرفة وتنفيذها بشكل فعال، حيث تصل المنظمة إلى المرونة الكبيرة والاستعداد الواعي لتقبل التغيير الداخلي والتكيف مع التغيرات الخارجية، كما تصبح المعرفة من ضمن أصولها الأساسية ويتم استغلالها في تحسين وتجويد الأعمال الأساسية والرفع من الميزة التنافسية.

هناك نماذج عديدة أخرى، مثل نموذج بولزن وبيرك لجودة عمليات المعرفة (KPQM)، نموذج شركة أنفوسيس لنضج إدارة المعرفة (Infosys’ KMMM)، نموذج كولكارني وفريز لتقييم قدرات إدارة المعرفة (KMCA)، ضمن هذه المجموعة، و(الجدول رقم 1) يوضح مقارنة لمستويات النضج المعتمدة في نماذج المجموعة الأولى.

الجدول رقم (1): المقارنات بين نماذج نضج المعرفة القائمة على نموذج نضج القدرات

2.3. المجموعة الثانية: النماذج غير القائمة على نموذج نضج القدرة (CMM)

 

1.2.3. نموذج مستوى نضج القدرة للمركز الأمريكي للإنتاجية والجودة

طُور هذا النموذج من قبل المركز الأمريكي للإنتاجية والجودة (APQC)، وهي أحد أهم المنظمات الرائدة في مجال إعداد المعايير في جميع الصناعات، بوصفه خارطة طريق للانتقال من أنشطة إدارة المعرفة غير المتناسقة إلى مدخل منضبط يتماشى مع متطلبات الأعمال الاستراتيجية للمنظمة. ويُعد هذا النموذج من أشهر النماذج لتطبيقاته الواسعة في ميادين متعددة، حيث يعد أداة معيارية لتقييم الوضع الفعلي لمشاريع ومبادرات إدارة المعرفة من خلال تحديد الأهداف، وتقييم معدلات الإنجاز والأداء، وتقييم قدرات المنظمة على إدارة المعرفة من خلال توفير مؤشرات كمية ونوعية لقياس جوانب مختلفة من إدارة المعرفة، كالاستراتيجية، والبيئة التنظيمية، والموظفين، والعمليات والإجراءات، والبنية التقنية، للانتقال بها من مستوى عدم النضج إلى مستوى النضج الكامل عبر سلسلة تراكمية مترابطة من المستويات، كما يظهره (الشكل رقم 1).

 

  • البدء/التهيئة: وهو المستوى الأساس ونقطة الانطلاق. تتميز هذه المرحلة بافتقار المنظمة إلى أي ممارسات معيارية منضبطة في إدارة معرفتها، حيث تتسم بالعشوائية وعدم الاهتمام بالمعرفة كمصدر أساسي للعمل. كما تفتقر إلى الإجراءات العملية لتحديد تدفق المعرفة وطريقة التقاطها واستخدامها، وينسحب ذلك على جميع المستويات التنظيمية داخل المنظمة (فردية وتنظيمية).
  • التطوير: ينطلق هذا المستوى إما عند القيام بمراجعة أولية لاستراتيجية إدارة المعرفة الموجودة، أو عند تطوير استراتيجية جديدة إن لم تكن موجودة، تتماشى مع توجهات المنظمة وما يستوجب ذلك من تطوير أهداف ومبادرات استراتيجية وربطها بمؤشرات أداء كمية ونوعية.
  • مستوى المعيارية/التوحيد: يتركز الجهد في هذا المستوى على اعتماد معايير وممارسات موحدة ومنضبطة في إدارة العمليات والإجراءات الخاصة بإدارة المعرفة، وطرق التقييم والمتابعة، وتوفير الموارد المادية والمعنوية لذلك. يكون تحري المعايير وتوحيد الممارسات في إدارة المعرفة في هذا المستوى ضمن إجراءات العمل اليومي للمنظمة والتي تتوزع على المستويات التالية:
    • معمارية المحتوى: من خلال اعتماد قواعد فهرسة ووصف معياري للمحتوى المعرفي بالمنظمة، إلى جانب توفير مصادر معلومات متنوعة بما يلبي الاحتياجات المعرفية للمنظمة، سواء يتم تطويرها داخلياً، أو عن طريق الاشتراكات في قواعد البيانات الخارجية.
  •  
    • معيارية العمليات والإجراءات: والتي تحدد الخطوات بدقة في تتبع تدفق سير المعرفة داخل المنظمة ضمن دورة إدارة المعرفة (الالتقاط – التنظيم والهيكلة – الحفظ والتخزين – الإتاحة والاستخدام – التوليد).
    • معمارية النظم: من خلال اعتماد منظومة من الحلول الآلية المعيارية المتكاملة لإدارة المعرفة تلبي الاحتياجات الفعلية للمنظمة في مجال إدارة أصولها المعرفية، الصريحة والضمنية.
  •  
    • معيارية إدارة الأفراد والكفاءات: من حيث التوظيف والتدريب وتصميم/إعادة تصميم البنية الهيكلة والإدارية للمنظمة، وتدفق سير العمل وتوزيع المسؤوليات المرتبطة بإدارة المعرفة. إلى جانب إدارة الأداء – الوظيفي أو التنظيمي – باعتماد أدوات وممارسات معيارية (بطاقة الأداء المتوازن (BSC)، المعيار الأوربي للمتميز والجودة (EFQM)، إلخ.). إلى جانب اعتماد برنامج لإدارة التغيير، وهذا أمر مهم في نجاح كل مشاريع التطوير المختلفة.
  • التحسين: تكتمل البنية الأساس لإدارة المعرفة في هذا المستوى (شكلاً وممارسة)، مما يمكن المنظمة من توسيع نطاق مبادرة إدارة المعرفة على امتدادها التنظيمي، ومراجعة استراتيجيتها لتشمل جوانب أخرى داخل المنظمة (وحدات إدارية جديدة، وظائف، عمليات، الخ)، والتعاطي مع أي مشكلات قد تنتج عن إدارة المعرفة بالمنظمة جراء هذا التوسع.
  • الابتكار: يمثل مستوى النضج الكامل، حيث يعكس قدرة المنظمة على اختزان معارفها، الصريحة والضمنية، في ذاكرتها التنظيمية بشكل معياري والتي تتحول إلى إمكان تنظيمي يتجسد في هياكلها الإدارية، وثقافتها التنظيمية، وإجراءاتها التشغيلية، وعلاقاتها الاجتماعية، حيث تصبغ ثقافة المنظمة التي تتجلى في أدائها وتنعكس على مخرجاتها من منتجات وخدمات. وفي هذه المرحلة يأخذ التحسين المستمر الطابع المؤسسي، حيث تأخذ منهجيات إدارة المعرفة في نشاطات العمل اليومية أنموذج العمل والثقافة التنظيمية.

هناك نماذج أخرى كثيرة ضمن هذه المجموعة، مثل نموذج شركة KPMG للاستشارات، ونموذج كليمكو (Klimko’s KMMM)، ونموذج نظرة (V-KMMM)، ونموذج جوتشالك خاندلواك (Gottschalk & Khandelwal KMMMM)، ونموذج رحلة المعرفة (Knowledge Journey)، نموذج فريد (Frid). وغيرها.

ومقارنة بسيطة بين نماذج المجموعتين سيلاحظ تشابه كبير بينها، إلا أن هناك فروقات في توزيع مجالات عمليات التأثير المحددة (KPA’s)، كما أن بعضها يركز في مجال عمليات تأثير محددة، كالجانب التكنولوجي فقط. (الجدول رقم 2) يوضح أمثلة لتوزع مجالات التأثير المحددة حسب النماذج.

الجدول رقم (2): توزيع نماذج مستوى نضج إدارة المعرفة على مجالات العمليات المرتبطة بإدارة المعرفة

 

يبين (الجدول رقم 2) أن أهم مجالات عمليات التأثير المحددة في مبادرات إدارة المعرفة تتمحور حول الأفراد، والعمليات والإجراءات، والتكنولوجيا، ولكن بعض النماذج تركز اهتمامها على مجالات أخرى تفصيلية وإن كانت هي جزء من المجالات سابقة الذكر، مثل الثقافة والبيئة التنظيمية والاستراتيجيات والسياسات وإجراءات الحوكمة التي هي جزء من مجال الأفراد، وأنشطة خلق وتشارك المحتوى التي هي جزء من العمليات والإجراءات، والبنية التحية التي هي جزء من جانب التكنولوجيا. ويتضح هنا مدى وساعة المنظور متعدد الأوجه الذي يخص إدارة المعرفة، حيث لا يجب غلبة جانب على آخر، وهذا ما نريد توضيحه؛ ذلك أن التركيز على جانب دون آخر سينعكس سلباً على نجاح المبادرة ككل، وعليه فإن فهم مستوى نضج إدارة المعرفة وفق هذه المنظورات أمر مهم، ومن شأنه أن يقدم نظرة شمولية تساهم في تحقيق الهدف من إطلاق المبادرة نفسها.

 

أدوات تقييم مستوى نضج إدارة المعرفة بالمنظمات

لكي يكون نموذج مستوى نضج المعرفة انعكاسا فعلياً للواقع الفعلي لمبادرات إدارة المعرفة ومستوى تطورها فإنه لابد من وجود آليات وأدوات لاستقراء الواقع، ذلك أن استخدام تلك النماذج لوحدها لا يوفر البيانات الكمية والنوعية اللازمة التي تعكس الواقع، وهذا – حقيقة – ما لا توفره غالبية النماذج. لذا تلجأ المنظمات إلى اعتماد، أو تكييف، أو تطوير أدوات لقياس وتقييم مستوى نضج إدارة المعرفة يتناسب مع سياقاتها التنظيمية.

إن أدوات تقييم مستوى نضج إدارة المعرفة هي عبارة عن استبانات تتضمن على مجموعة من الأسئلة موزعة على المجالات الرئيسة لعمليات التأثير المحدد لإدارة المعرفة (الأفراد، العمليات والإجراءات، التكنولوجيا)، وهي بدورها موزعة على كل مستوى من مستويات النضج المعتمدة. ومن تلك الأدوات: أداة المنتدى الأوروبي لإدارة المعرفة لتقييم وقياس نضج إدارة المعرفة (KAMT)، وأداة تقييم المركز الأوربي لإدارة الجودة، (EFQM) وتقييم إطار رحلة المعرفة (KM-FAE)، وأداة تقييم إدارة المعرفة (KMAT)، وغيرها. وفي كثير من الأحيان يتم تكييف وتعديل أسئلة تلك الأدوات لتكون معبرة عن واقع الممارسة الفعلية باتباع طرق المنهج العلمي في ذلك.

للإشارة إلى أن نموذج مستوى نضج إدارة المعرفة للمركز الأمريكي للإنتاجية والجودة (APQC) يقدم، إلى جانب نموذج القياس، أداة للتقييم على شكل استبانة تمثل استطلاع تشخيصي تفصيلي يساعد المنظمة على تحديد فعالية ممارسات إدارة المعرفة لديها، موزعة على المستويات الخمسة لمستوى النضج المعتمدة.

من المؤكد أنه لا يمكن تحقيق إدارة فعالة ومنضبطة للمعرفة بخطوة عملاقة واحدة، وهذا ما تبينه نماذج مستوى نضج إدارة المعرفة، حيث تتطور عبر الزمن ضمن عمليات متسلسلة ومتراكمة ومترابطة يقوم بعضها على بعض ضمن إطار تسلسل هرمي للقدرات على مستويات، وكل مستوى يضع الأساس في الانتقال للمستوى اللاحق من خلال مجموعة من الأنشطة والعمليات موزعة وفق منظورات محددة. وعليه، فإنه لا يمكن الانتقال من مستوى إلى آخر إلا باستيفاء الشروط الموضوعية والممارسات المعيارية الخاصة بكل مجال من مجالات عمليات التأثير المحددة وتمثيل جميع خصائصه، مما يتطلب:

  • فهم عميق لسلسلة مستويات النضج المتراكمة والمترابطة لإدارة المعرفة لاختبار الأداة الأنسب.
  • فهم واستيعاب جيد لمجالات عمليات التأثير المحددة والتي تعكس السياقات التنظيمية للمنظمة بشكل موضوعي وحقيقي.
  • اعتماد أو تكييف، أو تطوير أدوات قياس وتقييم صادقة للوصول إلى معرفة مدى فعالية ممارسات إدارة المعرفة ضمن المستويات المدروسة، وضمن مجالات عمليات التأثير المحددة.

تم انتهاء الفترة المسموحة بالتعليق